للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليهم ويقول: أجعتني وأجعت عيالي وأعريتني وأعريت عيالي، فبأي وسيلة توسلت بها إليك حتى تفعل هذا بي، وإنَّما تفعل هذا بأوليائك وأحسابك، فهل أنا منهم حتى أفرح، وعريت ابنة له فقِيلَ لَهُ: لو طلبت من أحد أن يكسوها؟ فَقَالَ: أدَعُها حتى يرى الله عريها وصبري عَلَى ذلك.

وجيء إِلَى عبد الصمد الزاهد بمال، فأبى أن يقبله فقالوا له: تصدق به.

فَقَالَ لأصحابه: من كانت له حاجة إلي شيء فليأخذ، فَتَورَّعَهُ أصحابُهُ بقدر حاجاتهم فجاء إِلَيْهِ بني له صغير يبكي فَقَالَ: أنا جائع. فَقَالَ: اذهب فخذ عليَّ من البقال ربع رطل تمر.

إخواني، الطبع إِلَى التوسع في الدُّنْيَا يحن، والولد يطلب ما يشتهي، والزوجة تطلب سعة النفقة، والورع يمنع من التوسع {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} (١) فإن كان الإمام أحمد قد امتنع أن يأخذ من الخليفة شيئًا من مال بيت المال، واقتنع بِكَري حوانيت له، كانت تغل في الشهر عشرين درهمًا أو أقل، فأخذ أولاده من الخليفة، فهجرهم لذلك. وكانت أم ولده تعاتبه وتقول له: أنا معك في ضيق وأولادك يأكلون ويفعلون ويفعلون. ليقول لها: قولي خيرًا. فخرج إِلَيْهِ صبي له صغير يبكي فَقَالَ: أي شيء تريد؟ قال: زيت. قال: اذهب فخذ من البقال بحبة.

[[شعر]]

كم أحمل في هواك كلاًّ وعنَّا ... كم أصبر فيك تحت (سقم) (٢) وضنًّا

لا تطردني فليس لي عنك غنى ... هذا حالي فإن رحمتم فأنا


(١) الأحزاب: ١١.
(٢) كتب الناسخ فوقها "ضر".

<<  <   >  >>