الضلال في الدنيا لا يهتدون، والسعر في الآخرة، أي: في نار شديدة التأجج تحرقهم، كلما نضجت جلودهم بدلهم الله جلوداً غيرها، ليذوقوا العذاب.
ويحتمل أن قوله {في ضلال} أي: في ضلال عن الطريق الذي يهتدون به إلى الجنة، لأنهم ضلوا في الدنيا فضلوا في الآخرة {يوم يسحبون في النار على وجوههم} يسحبون سحباً كما تسحب الجيفة، ليبعد بها عن المنازل، وليسوا يسحبون على ظهورهم ولكن على وجوههم - والعياذ بالله - ويقال:{ذوقوا مس سقر} ولقد قال الله تعالى في آية أخرى: {أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة} أي: يتقي بوجهه وكان يتقي في الدنيا الحر بيديه لوقاية وجهه، لكنه في النار ليس له ما يقي وجهه النار، بل يتقي بوجهه نسأل الله العافية، فهم يسحبون في النار على وجوههم، وهذه ليست أساطير الأولين، وليست قصصاً تقال، هذه حقيقة نشهد بها - والله - كأننا نراها رأي العين، لابد أن يكون هذا لكل مجرم {يوم يسحبون في النار على وجوههم} الساحب هم الملائكة الموكلين بهم، لأن للنار ملائكة موكلين بها، ويقال {ذوقوا مس سقر} ، انظر إلى الإذلال: جسدي وقلبي، الجسدي هو أنهم يسحبون على وجوههم، والقلبي أنهم يوبخون، ويقال:{ذوقوا مس سقر} ، مس أي: صلاها، وسقر من أسماء النار - نسأل الله العافية ثم قال - جل وعلا -: {إنا كل شيء خلقناه بقدر} لما ذكر عذاب أهل النار ثم سيذكر نعيم أهل الجنة، ذكر بينهما أن هذا الخلق وتفاوته بقدر الله - عز وجل - فكل شيء مخلوق فهو بقدر، كل ذرة في رملة فهي مخلوقة بقدر،