للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم} . فلو قال قائل: كيف تفسر الآية ينصر دينه والله يقول: {من ينصره} هذا تفسير مخالف للفظ وأنتم تنكرون على من يفسر القرآن بما يخالف ظاهر اللفظ، فما الجواب؟ فالجواب: نحن لا ننكر على الناس إذا فسروا القرآن بما يخالف ظاهر اللفظ إذا كان ذلك بدليل، ولهذا إذا قال قائل في قوله تعالى: {فإذا قرأت القرءان فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} المعنى إذا قرأت القرآن أي أردت قراءته، فهذا فسره بخلاف ظاهره، ولكنه تفسير صحيح، لأن الإنسان يستعيذ بالله إذا أراد أن يقرأ، وليس إذا تم القراءة.

بدليل فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولأن هذا هو الذي يفيد أن يستعيذ الإنسان بالله قبل أن يقرأ ليقرأ والشيطان بعيد عنه، على كل حال إذا قال لك قائل: كيف تفسر قوله تعالى: {من ينصره} أي من ينصر دينه وأنت تنكر على من يفسر القرآن بخلاف ظاهره، فالجواب: أننا لا ننكر على من يفسر القرآن بخلاف ظاهره إذا كان في ذلك دليل صحيح، والدليل على أن المراد ينصر دينه قوله: {إن الله قوى عزيز} ليس به حاجة، ولا يحتاج إلى أحد، فهو قوي عزيز غالب، غالب بقوة، لا يلحقها ضعف، وقوله - عز وجل -: {ورسله} نصر الرسل، إذا كان الرسول حيًّا فالمراد ينصر الرسول نفسه وشريعته، وبعد موته ينصر شريعته، وفي هذا دليل على أن نصر الشريعة نصر لمن جاء بها، فلا يشكل على هذا أن الله سبحانه وتعالى قد يميت الرسول قبل أن يرى النصر الواسع له، لأننا نقول: نصر شريعته نصر له، وقوله: {بالغيب} أي: أنه ينصر الله

<<  <   >  >>