إن المراد قرب ذات الله لكان قريباً من الكافر وقريباً من المؤمن. لأنه قال:{خلقنا الإنسان} ، أي إنسان المؤمن والكافر {ونحن أقرب إليه} أي إلى هذا الإنسان الذي خلقناه من حبل الوريد، فإذا قلنا الآية الشاملة، وقلنا أن القرب هنا القرب الذاتي صار الله قريباً بذاته من الكافر، وهذا غير لائق، بل الكافر عدو لله - عز وجل - لكن الراجح ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أن المراد بالقرب هنا قرب الملائكة، أي أقرب إليه بملائكتنا، ثم استدل لقوله بقوله تعالى:{إذ يتلقى المتلقيان} فإذ بمعنى حين، وهي متعلقة بالقرب، أي أقرب إليه في هذا الحال حين يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد.
فإن قال قائل: كيف يضيف الله القرب المسند إليه والمراد به الملائكة ألهذا نظير؟.
قلنا: نعم، له نظير. يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم:{لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرءانه فإذا قرأناه فاتبع قرءانه} قرأناه المراد بذلك جبريل، ونسب الله فعل جبريل إلى نفسه؛ لأنه رسوله، كذلك الملائكة نسب الله قربهم إليه لأنهم رسله، كما قال تعالى:{أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون} . وما اختاره شيخ الإسلام - رحمه الله - هو الصواب.
فإن قال قائل: وهل الله تعالى قريب من المؤمن على كل حال؟.
قلنا: بل في بعض الأحوال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الذي