وطاعته، فجعل هذا شريكاً لله - عز وجل - في تعبده له، واتباعه إياه، فالشرك أمره عظيم، وخطره جسيم، حتى الرجل إذا تصدق بدرهم وهو يلاحظ لعل الناس يرونه ليمدحوه ويقولون: إنه رجل كريم. يعتبر مشركاً مرائياً، والرياء شرك، وأخوف ما خاف النبي عليه الصلاة والسلام على أمته الشرك الخفي، وهو الرياء (١) ،
فعلى هذا نقول:{الذي جعل مع الله إلهاً ءاخر} ، إن كانت وصفاً خاصًّا بالكفَّار العنيد، فإنها تختص بمن يعبد الصنم والوثن، وإن كانت للعموم فهي تشمل كل من اشتغل بغير الله عن طاعته، وتقدم ذكر الأمثلة والأدلة على ما ذكرنا.
قال الله تعالى:{فألقياه في العذاب الشديد} وهو عذاب النار، نسأل الله أن يعيذنا منها بمنه وكرمه، {قال قرينه ربنا مآ أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد} هو يدعي أن قرينه هو الذي أطغاه وهو صده عن سبيل الله، فيقول قرينه:{ربنا مآ أطغيته} ، ما أمرته أن يكذب، ولا أن يكون عنيداً، ولا أن يكون معتدياً، ولا أن يكون مريباً، ولا أن يكون مشركاً مع الله أحداً، ما فعلت هذا {ولكن كان في ضلل بعيد} أي: كان هذا الكافر في ضلال بعيد عن الحق، حينئذ لدينا خصمان: الكفَّار العنيد، والقرين، فالكفَّار العنيد يدعي أن القرين هو الذي أغواه وأطغاه، والقرين ينكر ذلك، فيقول الله - عز وجل - {لا تختصموا لدى} ، الخصومة منقطعة، لأن الحجة قائمة ولا عذر لأحد، {وقد قدمت إليكم
(١) أخرجه الإمام أحمد (٣/٣٠) وابن ماجه، كتاب الزهد، باب الرياء والسمعة (٤٢٠٤) ..