نَمُتّ بِأَرْحَامِ إلَيْهِمْ قَرِيبَةٍ ... وَلَا قُرْبَ بِالْأَرْحَامِ إذْ لَا نُقَرّبُ
فَأَيّ ابْنِ أُخْتٍ بَعْدَنَا يَأْمَنَنّكُم ... وَأَيّةُ صِهْرٍ بَعْدَ صِهْرِي تُرْقَبُ
سَتَعْلَمُ يَوْمًا أَيّنَا إذْ تَزَايَلُوا ... وَزُيّلَ أَمْرُ النّاسِ لِلْحَقّ أَصْوَبُ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَوْله: وَلِتَنْأَ يَثْرِبُ وَقَوْلُهُ إذْ لَا نُقَرّبُ عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: يُرِيدُ بِقَوْلِهِ إذْ إذَا، كَقَوْلِ اللهِ عَزّ وَجَلّ {إِذِ الظّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبّهِمْ} قَالَ أَبُو النّجْمِ الْعِجْلِيّ:
ثُمّ جَزَاهُ اللهُ عَنّا إذْ جَزَى ... جَنّاتِ عَدْنٍ فِي الْعَلَالِيّ وَالْعُلَا
ــ
عَلَى هَذَا التّقْدِيرِ وَفِي الشّعْرِ أَيْضًا:
وَلَا قُرْبَ بِالْأَرْحَامِ إذْ لَا تُقَرّبُ
وَتَأَوّلَ ابْنُ هِشَامٍ إذْ هُنَا بِمَعْنَى: إذَا وَهُوَ خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنّ الْفِعْلَ الْمُضَارِعَ لَا يَحْسُنُ بَعْدَ إذَا مَعَ حَرْفِ النّفْيِ وَإِنّمَا يَحْسُنُ بَعْدَ إذْ كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {إذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ} [الْأَنْفَالَ ٤٩] وَلَوْ قُلْت: سَآتِيك إذَا تَقُولُ كَذَا، كَانَ قَبِيحًا إذَا أَخّرْتهَا، أَوْ قَدّمْت الْفِعْلَ لِمَا فِي إذَا مِنْ مَعْنَى الشّرْطِ وَإِنّمَا يَحْسُنُ هَذَا فِي حُرُوفِ الشّرْطِ مَعَ لَفْظِ الْمَاضِي، تَقُولُ سَآتِيك إنْ قَامَ زَيْدٌ وَإِذَا قَامَ زَيْدٌ وَيَقْبُحُ سَآتِيك إنْ يَقُمْ زَيْدٌ لِأَنّ حَرْفَ الشّرْطِ إذَا أُخّرَ أُلْغِيَ وَإِذَا أُلْغِيَ لَمْ يَقَعْ الْفِعْلُ الْمُعْرَبُ بَعْدَهُ غَيْرَ أَنّهُ حَسُنَ فِي كَيْفَ نَحْوُ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [الْمَائِدَة ٦٤] و {فَيَبْسُطُهُ فِي السّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ} [الرّومَ: ٤٨] لِسِرّ بَدِيعٍ لَعَلّنَا نَذْكُرُهُ إنْ وَجَدْنَا لِشَفْرَتِنَا مَحَزّا، وَيَحْسُنُ الْفِعْلُ الْمُسْتَقْبَلُ مَعَ إذَا بَعْدَ الْقَسَمِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللّيْلِ إِذَا يَسْرِ} [الْفَجْرَ ٤] لِانْعِدَامِ مَعْنَى الشّرْطِ فِيهِ فَهَذَا وَجْهٌ وَالْوَجْهُ الثّانِي: أَنّ إذْ بِمَعْنَى إذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي الْكَلَامِ وَلَا حَكَاهُ ثَبْتٌ وَمَا اسْتَشْهَدَ بِهِ مِنْ قَوْلِ رُؤْبَةَ لَيْسَ عَلَى مَا ظَنّ إنّمَا مَعْنَاهُ ثُمّ جَزَاهُ اللهُ رَبّي إنْ جَزَى، أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنْ نَفَعَنِي وَجَزَى عَنّي، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئا} [الْبَقَرَة: ٤٨] ففاعل جَزَى: مُضْمَرٌ عَائِدٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute