للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُؤْيَا عَبْدِ اللهِ بن زيد فِي الْأَذَان:

فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إذْ رَأَى عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَبْدِ رَبّهِ أَخُو بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، النّدَاءَ فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ يَا رَسُولَ اللهِ إنّهُ طَافَ بِي هَذِهِ اللّيْلَةَ طَائِفٌ مَرّ بِي رَجُلٌ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فِي يَدِهِ فَقُلْت لَهُ يَا عَبْدَ اللهِ أَتَبِيعُ هَذَا النّاقُوسَ؟ قَالَ وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ قُلْت: نَدْعُو بِهِ إلَى

ــ

لِلْمُفَضّلِ وَقَدْ نَازَعَهُ فِي مَعْنَى بَيْتٍ مِنْ الشّعْرِ فَرَفَعَ الْمُفَضّلُ صَوْتَهُ فَقَالَ الْأَصْمَعِيّ لَوْ نَفَخْت فِي الشّبّورِ مَا نَفَعَك، تَكَلّمْ كَلَامَ النّمْلِ وَأَصِبْ وَذَكَرُوا أَيْضًا الْقُنْعَ وَهُوَ الْقَرْنُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ تَصْحِيفٌ إنّمَا هُوَ الْقُبْعُ وَالْقُنْعُ أَوْلَى بِالصّوَابِ لِأَنّهُ مِنْ أَقْنَعَ صَوْتَهُ إذَا رَفَعَهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ نُوقِدُ نَارًا، وَنَرْفَعُهَا، فَإِذَا رَآهَا النّاسُ أَقْبَلُوا إلَى الصّلَاةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ نَبْعَثُ رَجُلًا يُنَادِي بِالصّلَاةِ فَبَيْنَمَا هُمْ فِي ذَلِكَ أُرِيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ الرّوَيَا الّتِي ذَكَرَ ابْنُ إسْحَاقَ، فَلَمّا أَخْبَرَ بِهَا رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَرَهُ أَنْ يُلْقِيَهَا عَلَى بِلَالٍ، قَالَ يَا رَسُولَ اللهِ أَنَا رَأَيْتهَا، وَأَنَا كُنْت أُحِبّهَا لِنَفْسِي، فَقَالَ "لِيُؤَذّن بِلَالٌ"، وَلِتُقِمْ أَنْتَ فَفِي هَذَا مِنْ الْفِقْهِ جَوَازُ أَنْ يُؤَذّنَ الرّجُلُ وَيُقِيمَ غَيْرُهُ وَهُوَ مُعَارِضٌ لِحَدِيثِ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الصّدَئِيّ حِينَ قَالَ لَهُ النّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ أَذّنَ فَهُوَ أَحَقّ أَنْ يُقِيمَ"، فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ إلّا أَنّهُ يَدُورُ عَلَى عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ الْأَفْرِيقِيّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْأَوّلُ أَصَحّ مِنْهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَتَزْعُمُ الْأَنْصَارُ أَنّ عَبْدَ اللهِ بْنَ زَيْدٍ حِينَ رَأَى النّدَاءَ كَانَ مَرِيضًا، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْأَذَانِ وَقَدْ تَكَلّمَتْ الْعُلَمَاءُ فِي الْحِكْمَةِ الّتِي خَصّتْ الْأَذَانَ بِأَنْ رَآهُ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي نَوْمِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَنْ وَحْيٍ مِنْ اللهِ لِنَبِيّهِ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ وَالْأَحْكَامِ الشّرْعِيّةِ وَفِي قَوْلِ النّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ "إنّهَا لَرُؤْيَا حَقّ"، ثُمّ بَنَى حُكْمَ الْأَذَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>