فَطَأْ مُعْرِضًا إنّ الْحُتُوفَ كَثِيرَةٌ ... وَإِنّك لَا تُبْقِي لِنَفْسِك بَاقِيَا
فَوَاَللهِ مَا يَدْرِي الْفَتَى كَيْفَ يَتّقِي ... إذَا هُوَ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ اللهُ وَاقِيَا
وَلَا تَحْفِلُ النّخْلُ الْمُعِيمَةُ رَبّهَا ... إذَا أَصْبَحَتْ رَبّا وَأَصْبَحَ ثَاوِيَا
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: الْبَيْتُ الّذِي أَوّلُهُ:
فَطَأْ مُعْرِضًا إنّ الْحُتُوفَ كَثِيرَةٌ
وَالْبَيْتُ الّذِي يَلِيهِ:
فَوَاَللهِ مَا يَدْرِي الْفَتَى كَيْفَ يَتّقِي
لِأُفْنُونٍ التّغْلِبِيّ وَهُوَ صُرَيْمُ بْنُ مَعْشَرٍ فِي أَبْيَاتٍ لَهُ
ــ
وَقَوْلُ ابْنِ هِشَامٍ فِي الْبَيْتَيْنِ فَطَأْ مُعْرِضًا وَاَلّذِي بَعْدَهُ أَنّهُمَا لِأُفْنُونٍ التّغْلِبِيّ مَذْكُورٌ عِنْدَ أَهْلِ الْأَخْبَارِ وَلَهَا سَبَبٌ ذَكَرُوا أَنّ أُفْنُونًا خَرَجَ فِي رَكْبٍ فَمَرّوا بِرَبْوَةِ تُعْرَفُ بِالْإِلَهَةِ وَكَانَ الْكَاهِنُ قَبْلَ ذَلِكَ قَدْ حَدّثَهُ أَنّهُ يَمُوتُ بِهَا، فَمَرّ بِهَا فِي ذَلِكَ الرّكْبِ فَلَمّا أَشْرَفُوا عَلَيْهَا وَأُعْلِمَ بِاسْمِهَا، كَرِهَ الْمُرُورَ بِهَا، وَأَبَوْا أَصْحَابُهُ إلّا أَنْ يَمُرّوا بِهَا، وَقَالُوا لَهُ لَا تَنْزِلْ عِنْدَهَا، وَلَكِنْ نَجُوزُهَا سَعْيًا، فَلَمّا دَنَا مِنْهَا بَرَكَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى حَيّةٍ فَنَزَلَ لِيَنْظُرَ فَنَهَشَتْهُ الْحَيّةُ فَمَاتَ فَقَبْرُهُ هُنَالِكَ وَقِيلَ فِي حَدِيثِهِ إنّهُ مَرّ بِهَا لَيْلًا، فَلَمْ يَعْرِفْ بِهَا حَتّى رَبَضَ الْبَعِيرُ الّذِي كَانَ عَلَيْهِ وَعَلِمَ أَنّهُ عِنْدَ الْإِلَهَةِ فَجَزَعَ فَقِيلَ لَهُ لَا بَأْسَ عَلَيْك، فَقَالَ فَلِمَ رَبَضَ الْبَعِيرُ فَأَرْسَلَهَا مَثَلًا. ذَكَرَهُ يَعْقُوبُ وَعِنْدَمَا أَحَسّ بِالْمَوْتِ قَالَ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ اللّذَيْنِ ذَكَرَ ابْنُ إسْحَاقَ وَبَعْدَهُمَا:
كَفَى حُزْنًا أَنْ يَرْحَلَ الرّكْبُ غَدْوَةً ... وَأُتْرَكُ فِي جَنْبِ الْإِلَهَةِ ثَاوِيًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute