فَهَؤُلَاءِ أَحْبَارُ الْيَهُودِ، أَهْلُ الشّرُورِ وَالْعَدَاوَةِ لِرَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ وَأَصْحَابُ الْمَسْأَلَةِ وَالنّصْبِ لِأَمْرِ الْإِسْلَامِ الشّرُورَ لِيُطْفِئُوهُ إلّا مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ وَمُخَيْرِيقٍ.
ــ
أَنّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَهُ أَيْضًا: هَلّا اسْتَخْرَجْته، أَيْ هَلّا اسْتَخْرَجْت السّحْرَ مِنْ الْجُفّ وَالْمُشَاطَةِ حَتّى يُنْظَرَ إلَيْهِ فَلِذَلِكَ قَالَ وَأَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النّاسِ شَرّا، قَالَ ابْنُ بَطّالٍ: كَرِهَ أَنْ يُخْرِجَهُ. فَيَتَعَلّمُ مِنْهُ بَعْضُ النّاسِ فَذَلِكَ هُوَ الشّرّ الّذِي كَرِهَهُ.
قَالَ الْمُؤَلّفُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشّرّ غَيْرَ هَذَا، وَذَلِكَ أَنّ السّاحِرَ كَانَ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ فَلَوْ أَظْهَرَ سِحْرَهُ لِلنّاسِ وَأَرَاهُمْ إيّاهُ لَأَوْشَكَ أَنْ يُرِيدَ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَتْلَهُ وَيَتَعَصّبَ لَهُ آخَرُونَ مِنْ عَشِيرَتِهِ فَيَثُورُ شَرّ كَمَا ثَارَ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ مِنْ الشّرّ مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.
وَقَوْلُ عَائِشَةَ هَلّا اسْتَخْرَجْته هُوَ فِي حَدِيثَيْنِ رَوَاهُمَا الْبُخَارِيّ جَمِيعًا، وَأَمّا جَوَابُهُ لَهَا فِي حَدِيثِ هَلّا تَنَشّرْت: بِقَوْلِهِ: "أَمّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللهُ" وَجَوَابُهُ لَهَا حِينَ قَالَتْ هَلّا اسْتَخْرَجْته بِأَنْ قَالَ أَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النّاسِ شَرّا، فَلَمّا جَمَعَ الرّاوِي بَيْنَ الْجَوَابَيْنِ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ اسْتَغْلَقَ الْكَلَامُ وَإِذَا نَظَرْت الْأَحَادِيثَ مُتَفَرّقَةً تَبَيّنْت، وَعَلَى هَذَا النّحْوِ شَرَحَ هَذَا الْحَدِيثَ ابْنُ بَطّالٍ.
وَأَمّا الْفِقْهُ الّذِي أَشَرْنَا إلَيْهِ فَهُوَ إبَاحَةُ النّشْرَةِ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ هَلّا تَنَشّرْت، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا قَوْلَهَا.
وَذَكَرَ الْبُخَارِيّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيّبِ أَنّهُ سُئِلَ عَنْ النّشْرَةِ لِلّذِي يُؤْخَذُ عَنْ أَهْلِهِ فَقَالَ لَا بَأْسَ لَمْ يُنْهَ عَنْ الصّلَاحِ إنّمَا نُهِيَ عَنْ الْفَسَادِ وَمَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ وَمِنْ النّاسِ مَنْ كَرِهَ النّشْرَةَ عَلَى الْعُمُومِ وَنَزَعَ بِحَدِيثِ خَرّجَهُ أَبُو دَاوُدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute