إِسْرَائِيلَ} أَي ميثاقكم {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلّا اللهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصّلَاةَ وَآتُوا الزّكَاةَ ثُمّ تَوَلّيْتُمْ إِلّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ} أَيْ تَرَكْتُمْ ذَلِكَ كُلّهُ لَيْسَ بِالتّنَقّصِ. {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ} [الْبَقَرَة: ٨٤]
تَفْسِيرُ ابْنِ هِشَامٍ لِبَعْضِ الْغَرِيبِ:
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: تَسْفِكُونَ تَصُبّونَ. تَقُولُ الْعَرَبُ: سَفَكَ دَمَهُ أَيْ صَبّهُ وَسَفَكَ الزّقّ أَيْ هَرَاقَهُ. قَالَ الشّاعِرُ:
وَكُنّا إذَا مَا الضّيْفُ حَلّ بِأَرْضِنَا ... سَفَكْنَا دِمَاءَ الْبُدْنِ فِي تُرْبَةِ الْحَالِ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: يَعْنِي " بِالْحَالِ ": الطّينَ الّذِي يُخَالِطُهُ الرّمْلُ وَهُوَ الّذِي تَقُولُ لَهُ الْعَرَبُ: السّهْلَةُ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ إنّ جِبْرِيلَ لَمّا قَالَ فِرْعَوْنُ: {آمَنْتُ أَنّهُ لَا إِلَهَ إِلّا الّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ} [يُونُس:٩٠] أَخَذَ مِنْ حَالِ الْبَحْرِ وَحَمْأَتِهِ فَضَرَبَ بِهِ وَجْهَ فِرْعَوْنَ. وَالْحَالُ مِثْلُ الْحَمْأَةِ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: {وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ} عَلَى أَنّ هَذَا حَقّ مِنْ مِيثَاقِي عَلَيْكُمْ {ثُمّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} أَيْ أَهْلَ الشّرْكِ حَتّى يَسْفِكُوا دِمَاءَهُمْ مَعَهُمْ وَيُخْرِجُوهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ مَعَهُمْ {وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ} وَقَدْ عَرَفْتُمْ أَنّ ذَلِكَ عَلَيْكُمْ فِي دِينِكُمْ {وَهُوَ مُحَرّمٌ عَلَيْكُمْ} فِي كِتَابِكُمْ {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} [الْبَقَرَة: ٨٥] , "أَيْ" أَتُفَادُونَهُمْ
ــ
كَانَ لَفْظُ يَعْقُوبَ أَوْلَى بِذَلِكَ الْمَقَامِ لِأَنّهَا مَوْهِبَةٌ بِعَقِبِ أُخْرَى، وَبُشْرَى عَقّبَ بِهَا بُشْرَى وَإِنْ كَانَ اسْمُ يَعْقُوبَ عِبْرَانِيّا، وَلَكِنّ لَفْظَهُ مُوَافِقٌ لِلْعَرَبِيّ فِي الْعَقِبِ وَالتّعْقِيبِ فَانْظُرْ مُشَاكَلَةَ الِاسْمَيْنِ لِلْمَقَامَيْنِ فَإِنّهُ مِنْ بَابِ النّظَرِ فِي إعْجَازِ الْقُرْآنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute