يَهُودَ لِلْعَرَبِ حَسَدًا، إذْ خَصّهُمْ اللهُ تَعَالَى بِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَا جَاهِدَيْنِ فِي رَدّ النّاسِ عَنْ الْإِسْلَامِ بِمَا اسْتَطَاعَا. فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى فِيهِمَا: {وَدّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيّنَ لَهُمُ الْحَقّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ إِنّ اللهَ عَلَى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الْبَقَرَة:١٠٩]
تَنَازُعُ الْيَهُودِ وَالنّصَارَى عِنْدَ الرّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَلَمّا قَدِمَ أَهْلُ نَجْرَانَ مِنْ النّصَارَى عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَتْهُمْ أَحْبَارُ يَهُودَ فَتَنَازَعُوا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَافِعُ بْنُ حُرَيْمِلَةَ: مَا أَنْتُمْ عَلَى شَيْءٍ وَكَفَرَ بِعِيسَى وَبِالْإِنْجِيلِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ مِنْ النّصَارَى لِلْيَهُودِ مَا أَنْتُمْ عَلَى شَيْءٍ وَجَحَدَ نُبُوّةَ مُوسَى وَكَفَرَ بِالتّوْرَاةِ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ. {وَقَالَتْ الْيَهُودُ لَيْسَتْ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُود عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاَللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [الْبَقَرَة:١١٣] ، أَيْ كُلّ يَتْلُو فِي كِتَابِهِ تَصْدِيقَ مَا كَفَرَ بِهِ أَيْ يَكْفُرُ الْيَهُودُ بِعِيسَى، وَعِنْدَهُمْ التّوْرَاةُ فِيهَا مَا أَخَذَ اللهُ عَلَيْهِمْ عَلَى لِسَانِ مُوسَى عَلَيْهِ السّلَامُ بِالتّصْدِيقِ بِعِيسَى عَلَيْهِ السّلَامُ وَفِي الْإِنْجِيلِ مَا جَاءَ بِهِ عِيسَى عَلَيْهِ السّلَامُ مِنْ تَصْدِيقِ مُوسَى عَلَيْهِ السّلَامُ وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ التّوْرَاةِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكُلّ يَكْفُرُ بِمَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ.
مَا نَزَلَ فِي طَلَبِ ابْنِ حُرَيْمِلَةَ أَنْ يُكَلّمَهُ اللهُ:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ رَافِعُ بْنُ حُرَيْمِلَةَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مُحَمّدُ إنْ كُنْت
ــ
مَعَانِي الْحُرُوفِ فِي أَوَائِلِ السّوَرِ:
فَصْلٌ: وَلِهَذِهِ الْحُرُوفِ فِي أَوَائِلِ السّوَرِ مَعَانٍ جَمّةٌ وَفَوَائِدُ لَطِيفَةٌ وَمَا كَانَ اللهُ تَعَالَى لِيُنَزّلَ فِي الْكِتَابِ مَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَلَا لِيُخَاطِبَ نَبِيّهُ وَذَوِي أَلْبَابٍ مِنْ صَحْبِهِ بِمَا لَا يَفْهَمُونَ وَقَدْ أَنْزَلَهُ بَيَانًا لِلنّاسِ وَشِفَاءً لِمَا فِي الصّدُورِ فَفِي تَخْصِيصِهِ هَذِهِ الْحُرُوفَ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ بِالذّكْرِ دُونَ غَيْرِهَا حِكْمَةٌ بَلْ حِكَمٌ وَفِي إنْزَالِهَا مُقَطّعَةً عَلَى هَيْئَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute