للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي مِثْلِ هَذَا {إِلّا أُولُو الْأَلْبَابِ رَبّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} أَيْ لَا تُمْلِ قُلُوبَنَا، وَإِنْ مِلْنَا بِأَحْدَاثِنَا {وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمرَان١ - ٨] ثُمّ قَالَ {شَهِدَ اللهُ أَنّهُ لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ} بِخِلَافِ مَا قَالُوا: {قَائِمًا بِالْقِسْطِ} أَيْ بِالْعَدْلِ فِيمَا يُرِيدُ {لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ إِنّ الدّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلَامُ} أَيْ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ يَا مُحَمّدُ التّوْحِيدُ لِلرّبّ وَالتّصْدِيقُ لِلرّسُلِ. {وَمَا اخْتَلَفَ الّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ} أَيْ الّذِي جَاءَك، أَيْ أَنّ اللهَ الْوَاحِدَ الّذِي لَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ. {بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللهِ فَإِنّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ فَإِنْ حَاجّوكَ} أَيْ بِمَا يَأْتُونَ بِهِ مِنْ الْبَاطِلِ مِنْ قَوْلِهِمْ خَلَقْنَا وَفَعَلْنَا وَأَمَرْنَا، فَإِنّمَا هِيَ شُبْهَةُ بَاطِلٍ قَدْ عَرَفُوا مَا فِيهَا مِنْ الْحَقّ {فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ} أَيْ وَحْدَهُ {وَمَنِ اتّبَعَنِ وَقُلْ لِلّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ} الَّذين لَا كتاب لَهُم {أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلّوْا فَإِنّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمرَان:٢٠]

ــ

بِالْجَلِيّ وَعَلَى الْمُخْتَلَفِ فِيهِ بِالْمُتّفَقِ عَلَيْهِ فَتَنْفُذُ بِذَلِكَ الْحُجّةُ وَيُزَاحُ الْبَاطِلُ وَتَعْظُمُ دَرَجَةُ الْعَالِمِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، لِأَنّهُ يَقُولُ آمَنْت بِهِ كُلّ مِنْ عِنْدِ رَبّي فَكَيْفَ يَخْتَلِفُ؟ وَلَمّا كَانَ الْعِلْمَانِ مُخْتَلِفَيْنِ عِلْمُ اللهِ وَعِلْمُ الرّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ لَمْ يَجُزْ عطف: {الرَّاسِخُونَ} النِّسَاء:١٦٢] عَلَى مَا قَبْلَهُ فَاَللهُ يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ الْعِلْمَ الْقَدِيمَ. لَا بِتَذَكّرِ وَلَا بِتَفَكّرِ وَلَا بِتَدْقِيقِ نَظَرٍ وَلَا بِفَحْصِ عَنْ دَلِيلٍ فَلَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ هَكَذَا إلّا اللهُ وَالرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ بِالْفَحْصِ عَنْ الدّلِيلِ وَبِتَدْقِيقِ النّظَرِ وَتَسْدِيدِ الْعِبَرِ، فَهُمْ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَمَا يَذّكّرُ إِلّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمرَان: ٧] وَهَذَا مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ إسْحَاقَ فِي الْآيَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>