. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُعْجِزَاتِهِ تَنْفِي عَنْ أُمّهِ الرّيبَةَ وَتُثْبِتُ لَهُ وَلَهَا النّبُوّةَ وَالصّدّيقِيّةَ فَكَانَ فِي مَسِيحِ الْهُدَى مِنْ الْآيَاتِ مَا يُشَاكِلُ حَالَهُ وَمَعْنَاهُ حِكْمَةٌ مِنْ اللهِ كَمَا جَعَلَ فِي الصّورَةِ الطّاهِرَةِ مِنْ مَسِيحِ الضّلَالَةِ وَهُوَ الْأَعْوَرُ الدّجّالُ مَا يُشَاكِلُ حَالَهُ وَيُنَاسِبُ صُورَتَهُ الْبَاطِنَةَ عَلَى نَحْوِ مَا شَرَحْنَا وَبَيّنّا فِي إمْلَاءٍ أَمْلَيْنَاهُ عَلَى هَذِهِ النّكْتَةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلّهِ.
<١وَضَعْتهَا أُنْثَى
فَصْلٌ وَذَكَرَ فِي تَفْسِيرِ مَا نَزَلَ فِيهِمْ قَوْلَ حَنّةَ أُمّ مَرْيَمَ، وَهِيَ بِنْتُ مَاثَانَ {رَبّ إنّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى} [آل عمرَان: ٣٦] قَالَ بَعْضُ أَهْلِ التّأْوِيلِ أَشَارَتْ إلَى مَعْنَى الْحَيْضِ أَنّ الْأُنْثَى تَحِيضُ فَلَا تَخْدُمُ الْمَسْجِدَ وَلِذَلِكَ قَالَ {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} [آل عمرَان: ٣٦] لِأَنّ الذّكَرَ لَا يَحِيضُ فَهُوَ أَبَدًا فِي خِدْمَةِ الْمَسْجِدِ وَهَذِهِ إشَارَةٌ حَسَنَةٌ. فَإِنْ قِيلَ كَانَ الْقِيَاسُ فِي الْكَلَامِ أَنْ يُقَالَ وَلَيْسَ الْأُنْثَى كَالذّكَرِ لِأَنّهَا دُونَهُ فَمَا بَالُهُ بَدَأَ بِالذّكْرِ؟ وَالْجَوَابُ أَنّ الْأُنْثَى إنّمَا هِيَ دُونَ الذّكَرِ فِي نَظَرِ الْعَبْدِ لِنَفْسِهِ لِأَنّهُ يَهْوَى ذُكْرَانَ الْبَنِينَ وَهُمْ مَعَ الْأَمْوَالِ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَأَقْرَبُ إلَى فِتْنَةِ الْعَبْدِ وَنَظَرُ الرّبّ لِلْعَبْدِ خَيْرٌ مِنْ نَظَرِهِ لِنَفْسِهِ فَلَيْسَ الذّكَرُ كَالْأُنْثَى عَلَى هَذَا، بَلْ الْأُنْثَى أَفْضَلُ فِي الْمَوْهِبَةِ أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ سُبْحَانَهُ {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً} [الشورى: ٤٩] فَبَدَأَ بِذِكْرِهِنّ قَبْلَ الذّكُورِ وَفِي الْحَدِيثِ ابْدَءُوا بِالْإِنَاثِ يَعْنِي: فِي الرّحْمَةِ وَإِدْخَالِ السّرُورِ عَلَى الْبَنِينَ وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا: مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ دَخَلْت أَنَا وَهُوَ الْجَنّةَ كَهَاتَيْنِ فَتَرَتّبَ الْكَلَامُ فِي التّنْزِيلِ عَلَى حَسْبِ الْأَفْضَلِ فِي نَظَرِ اللهِ لِلْعَبْدِ وَاَللهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute