بِمَا أَمَرَ بِهِ مِنْ مُلَاعَنَتِهِمْ إنْ رَدّوا ذَلِكَ عَلَيْهِ دَعَاهُمْ إلَى ذَلِكَ فَقَالُوا لَهُ يَا أَبَا الْقَاسِمِ دَعْنَا نَنْظُرُ فِي أَمْرِنَا، ثُمّ نَأْتِيك بِمَا نُرِيدُ أَنْ نَفْعَلَ فِيمَا دَعَوْتنَا إلَيْهِ فَانْصَرَفُوا عَنْهُ ثُمّ خَلَوْا بِالْعَاقِبِ وَكَانَ ذَا رَأْيِهِمْ فَقَالُوا: يَا عَبْدَ الْمَسِيحِ مَاذَا تَرَى؟ فَقَالَ وَاَللهِ يَا مَعْشَرَ النّصَارَى لَقَدْ عَرَفْتُمْ إنّ مُحَمّدًا لَنَبِيّ مُرْسَلٌ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْفَضْلِ مِنْ خَبَرِ صَاحِبِكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا لَاعَنَ قَوْمٌ نَبِيّا قَطّ فَبَقِيَ كَبِيرُهُمْ وَلَا نَبَتَ صَغِيرُهُمْ وَأَنّهُ لِلِاسْتِئْصَالِ مِنْكُمْ إنْ فَعَلْتُمْ فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ أَبَيْتُمْ إلّا إلْفَ دِينِكُمْ وَالْإِقَامَةَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي صَاحِبِكُمْ فَوَادِعُوا الرّجُلَ ثُمّ انْصَرِفُوا إلَى بِلَادِكُمْ فَأَتَوْا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ قَدْ رَأَيْنَا أَلّا نُلَاعِنَك، وَأَنْ نَتْرُكَك عَلَى دِينِك وَنَرْجِعَ عَلَى دِينِنَا، وَلَكِنْ ابْعَثْ مَعَنَا رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِك تَرْضَاهُ لَنَا، يَحْكُمُ بَيْنَنَا فِي أَشْيَاءَ اخْتَلَفْنَا فِيهَا مِنْ أَمْوَالِنَا، فَإِنّكُمْ عِنْدَنَا رِضًا.
تَوْلِيَةُ أَبِي عُبَيْدَةَ أُمُورَهُمْ
قَالَ مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "ائْتُونِي الْعَشِيّةَ أَبْعَثْ مَعَكُمْ الْقَوِيّ الْأَمِينَ" قَالَ فَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ يَقُولُ مَا أَحْبَبْت الْإِمَارَةَ قَطّ حُبّي إيّاهَا يَوْمَئِذٍ رَجَاءَ أَنْ أَكُونَ صَاحِبَهَا، فَرُحْت إلَى الظّهْرِ مُهَجّرًا، فَلَمّا صَلّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظّهْرَ سَلّمَ ثُمّ نَظَرَ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ فَجَعَلْت أَتَطَاوَلُ لَهُ لِيَرَانِي، فَلَمْ يَزَلْ يَلْتَمِسُ بِبَصَرِهِ حَتّى رَأَى أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرّاحِ فَدَعَاهُ فَقَالَ "اُخْرُجْ مَعَهُمْ فَاقْضِ بَيْنَهُمْ بِالْحَقّ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ" قَالَ عُمَرُ فَذَهَبَ بِهَا أَبُو عُبَيْدَة.
ــ
الْأُسْلُوبِ الْمُعْتَادِ فِي إعْجَازِ الْقُرْآنِ وَفِي حَدِيثِ أَهْلِ نَجْرَانَ زِيَادَةٌ كَثِيرَةٌ عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ ابْنِ هِشَامٍ، مِنْهَا أَنّ رَاهِبَ نَجْرَانَ حِينَ رَجَعَ الْوَفْدُ وَأَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ رَحَلَ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَ مَعَهُ وَأَهْدَى إلَيْهِ الْقَضِيبَ وَالْقَعْبَ وَالْبُرْدَ الّذِي هُوَ الْآنَ عِنْدَ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبّاسِ يَتَوَارَثُونَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute