بَدْءُ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمّ إنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَهَيّأَ لِحَرْبِهِ قَامَ فِيمَا أَمَرَهُ اللهُ مِنْ جِهَادِ عَدُوّهِ وَقِتَالِ مَنْ أَمَرَهُ اللهُ بِهِ مِمّنْ يَلِيهِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ مُشْرِكِي الْعَرَبِ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ بَعَثَهُ اللهُ تَعَالَى بِثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً.
ــ
الْقِيَامَ عَلَى مَا بِهِمْ مِنْ السّقَمِ وَهَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا اللّفْظِ يُقَوّي مَا تَأَوّلَهُ الْخَطّابِيّ فِي صَلَاةِ الْقَاعِدِ أَنّهَا عَلَى النّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ ثُمّ قَالَ الْخَطّابِيّ: إنّمَا ذَلِكَ لِلضّعِيفِ الّذِي يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ بِكُلْفَةِ وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْقِيَامِ الْبَتّةَ فَصَلَاتُهُ مِثْلُ صَلَاةِ الْقَائِمِ وَهَذَا كُلّهُ فِي الْفَرِيضَةِ وَالنّافِلَةِ وَخَالَفَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي تَخْصِيصِهِ هَذَا الْحَدِيثَ بِصَلَاةِ النّافِلَةِ فِي حَالِ الصّحّةِ وَاحْتَجّ الْخَطّابِيّ بِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَفِيهِ وَصَلَاتُهُ قَائِمًا عَلَى النّصْفِ مِنْ صَلَاتِهِ قَاعِدًا، قَالَ وَقَدْ أَجَمَعَتْ الْأُمّةُ أَنْ لَا يُصَلّيَ أَحَدٌ مُضْطَجِعًا إلّا مِنْ مَرَضٍ فَدَلّ عَلَى أَنّهُ لَمْ يُرِدْ بِهَذَا الْحَدِيثِ كُلّهِ إلّا الْمَرِيضَ الّذِي يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بِكُلْفَةِ أَوْ عَلَى الْقُعُودِ بِمَشَقّةِ وَنَسَبَ بَعْضُ النّاسِ النّسَوِيّ إلَى التّصْحِيفِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالُوا: إنّمَا هُوَ وَصَلَاتُهُ نَائِمًا عَلَى النّصْفِ مِنْ صَلَاتِهِ قَاعِدًا، فَتَوَهّمَهُ النّسَوِيّ قَائِمًا، أَيْ مُضْطَجِعًا، فَتَرْجَمَ عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ بَابُ صَلَاةِ النّائِمِ وَلَيْسَ كَمَا قَالُوا، فَإِنّ فِي الرّوَايَةِ الثّانِيَةِ وَصَلَاةُ النّائِمِ عَلَى النّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَاعِدِ وَمِثْلُ هَذَا لَا يَتَصَحّفُ وَقَوْلُ الْخَطّابِيّ: أَجَمَعَتْ الْأُمّةُ عَلَى أَنّ الْمُضْطَجِعَ لَا يُصَلّي فِي حَالِ الصّحّةِ نَافِلَةً وَلَا غَيْرَهَا، وَافَقَهُ أَبُو عُمَرَ عَلَى ادّعَاءِ الْإِجْمَاعِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَيْسَتْ بِمَسْأَلَةِ إجْمَاعٍ كَمَا زَعَمَا، بَلْ كَانَ مِنْ اللهِ مَنْ يُجِيزُ لِلصّحِيحِ أَنْ يَتَنَفّلَ مُضْطَجِعًا، مَعَهُمْ الْحَسَنُ الْبَصْرِيّ، ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو عِيسَى التّرْمِذِيّ فِي "مُصَنّفِهِ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute