شعر ابْن الزبعري فِي الرَّد على أبي بكر:
فَأَجَابَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزّبَعْرَى السّهْمِيّ فَقَالَ:
أَمِنْ رَسْمِ دَارٍ أَقْفَرَتْ بِالْعَثَاعِثِ ... بَكَيْت بِعَيْنِ دَمْعُهَا غَيْرُ لَابِثِ
وَمِنْ عَجَبِ الْأَيّامِ وَالدّهْرُ كُلّهُ ... لَهُ عَجَبٌ مِنْ سَابِقَاتٍ وَحَادِثِ
لِجَيْشِ أَتَانَا ذِي عُرَامٍ يَقُودُهُ ... عُبَيْدَةُ يُدْعَى فِي الْهِيَاجِ ابْنَ حَارِثِ
لِنَتْرُكَ أَصْنَامًا بِمَكّةَ عُكّفًا ... مَوَارِيثَ مَوْرُوثٍ كَرِيمٍ لِوَارِثِ
فَلَمّا لَقِينَاهُمْ بِسُمْرِ رُدَيْنَةٍ ... وَجُرْدٍ عِتَاقٍ فِي الْعَجَاجِ لَوَاهِثِ
وَبِيضٍ كَأَنّ الْمِلْحَ فَوْقَ مُتُونِهَا ... بِأَيْدِي كُمَاةٍ كَاللّيُوثِ الْعَوَائِثِ
نُقِيمُ بِهَا إصْعَارَ مَنْ كَانَ مَائِلًا ... وَنَشْفِي الدّخُولَ عَاجِلًا غَيْرَ لَابِثِ
فَكَفّوا عَلَى خَوْفٍ شَدِيدٍ وَهَيْبَةٍ ... وَأَعْجَبَهُمْ أَمْرٌ لَهُمْ أَمْرُ رَائِثِ
وَلَوْ أَنّهُمْ لَمْ يَفْعَلُوا نَاحَ نِسْوَةٌ ... أَيَامَى لَهُمْ مِنْ بَيْنَ نَسْءٍ وَطَامِثِ
وَقَدْ غُودِرَتْ قَتْلَى يُخْبِرُ عَنْهُمْ ... حَفِيّ بِهِمْ أَوْ غَافِلٌ غَيْرُ بَاحِثِ
ــ
السّرِيحُ شِبْهُ النّعْلِ تَلْبَسُهُ أَخْفَافُ الْإِبِلِ يُرِيدُ أَنّ هَذِهِ الْإِبِلَ الْحَرَاجِيجَ وَهِيَ الطّوَالُ تَحْدِي أَيْ تُسْرِعُ فِي سَرِيحٍ قَدْ رَثّ مِنْ طُولِ السّيْرِ قَالَ الشَّاعِر:
دوامى الْأَيْدِ يَحْبِطْنَ السّرِيحَا
وَذَكَرَ الْعَثَاعَثَ، وَاحِدُهَا: عَثْعَثٌ وَهُوَ مِنْ أَكْرَمِ مَنَابِتِ الْعُشْبِ قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَفِي الْعَيْنِ الْعُثْعُثُ ظَهْرُ الْكَثِيبِ الّذِي لَا نَبَاتَ فِيهِ.
وَذَكَرَ ابْنُ هِشَامٍ أَنّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشّعْرِ أَنْكَرُوا أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْقَصِيدَةُ لِأَبِي بَكْرٍ وَيَشْهَدُ لِصِحّةِ مَنْ أَنْكَرَ لَهُ مَا رَوَى عَبْدُ الرّزّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزّهْرِيّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَذَبَ مَنْ أَخْبَرَكُمْ أَنّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ بَيْتَ شِعْرٍ فِي الْإِسْلَامِ رَوَاهُ مُحَمّدٌ الْبُخَارِيّ عَنْ أَبِي الْمُتَوَكّلِ عَنْ عَبْدِ الرّزّاقِ. وَقَوْلُ ابْنِ الزّبَعْرَى: بَيْنَ نَسْءٍ وَطَامِثِ وَالنّسْءُ حَمْلُ الْمَرْأَةِ فِي أَوّلِهِ وَالطّامِثُ مَعْرُوفٌ