. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَعُرِفَ بِهِ تَسَمّى بِهِ كُلّ مَنْ مُلّكَ بَعْدَهُ. قَالَهُ الْمَسْعُودِيّ. وَإِنّمَا كَتَبَ بِذَلِكَ إلَى النّجَاشِيّ، لِأَنّهُ عَلَى دِينِهِ وَكَانَ أَقْرَبَ إلَى الْيَمَنِ مِنْهُ وَذَكَرَ غَيْرُ ابْنِ إسْحَاقَ أَنّ ذَا نُوَاسٍ أُدْخِلَ الْحَبَشَةَ صَنْعَاءَ الْيَمَنِ، حِينَ رَأَى أَنْ لَا قِبَلَ لَهُ بِهِمْ بَعْدَ أَنْ اسْتَنْفَرَ جَمِيعَ الْمَقَاوِلِ لِيَكُونُوا مَعَهُ يَدًا وَاحِدَةً عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا إلّا أَنْ يُحْمَى كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَوْزَتَهُ عَلَى حِدَتِهِ فَخَرَجَ إلَيْهِمْ وَمَعَهُ مَفَاتِيحُ خَزَائِنِهِ وَأَمْوَالُهُ عَلَى أَنْ يُسَالِمُوهُ وَمَنْ مَعَهُ وَلَا يَقْتُلُوا أَحَدًا فَكَتَبُوا إلَى النّجَاشِيّ بِذَلِكَ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَقْبَلُوا ذَلِكَ مِنْهُمْ فَدَخَلُوا صَنْعَاءَ وَدَفَعَ إلَيْهِمْ الْمَفَاتِيحَ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَقْبِضُوا مَا فِي بِلَادِهِ مِنْ خَزَائِنِ أَمْوَالِهِ ثُمّ كَتَبَ هُوَ إلَى كُلّ مَوْضِعٍ مِنْ أَرْضِهِ أَنْ اُقْتُلُوا كُلّ ثَوْرٍ أَسْوَدَ فَقُتِلَ أَكْثَرُ الْحَبَشَةِ، فَلَمّا بَلَغَ ذَلِكَ النّجَاشِيّ وَجّهَ جَيْشًا إلَى أَبْرَهَةَ وَعَلَيْهِمْ أَرِيَاطٌ وَأَمَرَهُ أَنْ يَقْتُلَ ذَا نُوَاسٍ وَيُخَرّبَ ثُلُثَ بِلَادِهِ وَيَقْتُلُ ثُلُثَ الرّجَالِ وَيَسْبِي ثُلُثَ النّسَاءِ وَالذّرّيّةِ فَفَعَلَ ذَلِكَ أَبْرَهَةُ. وَأَبْرَهَةُ بِالْحَبَشَةِ هُوَ الْأَبْيَضُ الْوَجْهِ وَفِي هَذَا قُوّةٌ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إنّ أَبْرَهَةَ هَذَا هُوَ أَبْرَهَةُ بْنُ الصّبَاحِ الْحِمْيَرِيّ وَلَيْسَ بِأَبِي يكْسوم الْحَبَشِيّ وَإِنّ الْحَبَشَةَ كَانُوا قَدْ أَمّرُوا أَبْرَهَةَ بْنَ الصّبَاحِ١ عَلَى الْيَمَنِ، وَهَذَا الْقَوْلُ ذَكَرَهُ ابْنُ سَلّام فِي تَفْسِيرِهِ وَاقْتَحَمَ ذُو نُوَاسٍ الْبَحْرَ فَهَلَكَ وَقَامَ بِأَمْرِهِ مِنْ بَعْدَهُ ذُو جَدَن، وَاسْمُهُ عَلَسُ بْنُ الْحَارِثِ أَخُو سُبَيْع بْنِ الْحَارِثِ، وَالْجَدَنُ حُسْنُ الصّوْتِ يُقَالُ إنّهُ أَوّلُ مَنْ أَظَهَرَ الْغِنَاءَ بِالْيَمَنِ فَسُمّيَ بِهِ وَجَدَنُ أَيْضًا: مَفَازَةٌ بِالْيَمَنِ زَعَمَ الْبَكْرِيّ أَنّ ذَا جَدَن إلَيْهَا يُنْسَبُ فَحَارَبَ الْحَبَشَةَ بَعْدَ ذِي نُوَاسٍ فَكَسَرُوا جُنْدَهُ وَغَلَبُوهُ عَلَى أَمْرِهِ فَفَرّ إلَى الْبَحْرِ كَمَا فَعَلَ ذُو نُوَاسٍ، فَهَلَكَ فِيهِ وَذَكَرُوا سَبَبَ مُنَازَعَةِ أَبْرَهَةَ لِأَرْيَاطٍ وَأَنّ ذَلِكَ إنّمَا كَانَ لِأَنّ أَبْرَهَةَ بَلّغَ النّجَاشِيّ أَنّهُ اسْتَبَدّ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يُرْسِلْ إلَيْهِ مِنْ جِبَايَةِ الْيَمَنِ شَيْئًا، فَوَجّهَ أَرْيَاطًا إلَى خَلْعِهِ فَعِنْدَ ذَلِكَ دَعَاهُ أَبْرَهَةُ إلَى الْمُبَارَزَةِ - كَمَا ذَكَرَ ابْنُ إسْحَاقَ - وَذَكَرَ الطّبَرِيّ أَنّ عَتْوَدة الْغُلَامَ الّذِي قَتَلَ أَرْيَاطًا. وَالْعَتْوَدَةُ الشّدّةُ وَقَدْ
١ أَبْرَهَة بن الصَّباح بن لَهِيعَة بن شيبَة بن مدثر، وَالْأَكْثَرُونَ على أَنه أَبُو يكسوم الحبشي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute