للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُخَلّيَ سَبِيلَ زَيْنَبَ إلَيْهِ أَوْ كَانَ فِيمَا شَرَطَ عَلَيْهِ فِي إطْلَاقِهِ وَلَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَعْلَمُ مَا هُوَ إلّا أَنّهُ لَمّا خَرَجَ أَبُو الْعَاصِ إلَى مَكّةَ وَخُلّيَ سَبِيلُهُ بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَرَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ مَكَانَهُ فَقَالَ كُونَا بِبَطْنِ يَأْجَجَ حَتّى تَمُرّ بِكُمَا زَيْنَبُ فَتَصْحَبَاهَا حَتّى تَأْتِيَانِي بِهَا فَخَرَجَا مَكَانَهُمَا، وَذَلِكَ بَعْدَ بَدْرٍ بِشَهْرِ أَوْ شَيْعِهِ فَلَمّا قَدِمَ أَبُو الْعَاصِ مَكّةَ أَمَرَهَا بِاللّحُوقِ بِأَبِيهَا، فَخَرَجَتْ تَجَهّزُ.

هِنْدٌ تُحَاوِلُ تَعْرِفُ أَمْرَ زَيْنَبَ

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ حُدّثْت عَنْ زَيْنَبَ أَنّهَا قَالَتْ بَيْنَا أَنَا أَتَجَهّزُ بِمَكّةَ لِلّحُوقِ بِأَبِي لَقِيَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ، فَقَالَتْ يَا بِنْتَ مُحَمّدٍ أَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنّك تُرِيدِينَ اللّحُوقَ بِأَبِيك؟ قَالَتْ فَقُلْت: مَا أَرَدْت ذَلِكَ فَقَالَتْ أَيَ ابْنَةَ عَمّي، لَا تَفْعَلِي، إنْ كَانَتْ لَك حَاجَةٌ بِمَتَاعِ مِمّا يَرْفُقُ بِك فِي سَفَرِك، أَوْ بِمَالِ تَتَبَلّغِينَ بِهِ إلَى أَبِيك، فَإِنّ عِنْدِي حَاجَتَك، فَلَا تَضْطَنِي مِنّي، فَإِنّهُ لَا يَدْخُلُ بَيْنَ النّسَاءِ مَا بَيْنَ الرّجَالِ. قَالَتْ وَاَللهِ مَا أُرَاهَا قَالَتْ ذَلِكَ إلّا لِتَفْعَلَ قَالَتْ وَلَكِنّي خِفْتهَا، فَأَنْكَرْت أَنْ أَكُونَ أُرِيدَ ذَلِكَ وَتَجَهّزْت.

مَا أَصَابَ زَيْنَبَ مِنْ قُرَيْشٍ عِنْدَ خُرُوجِهَا وَمَشُورَةُ أَبِي سُفْيَانَ

فَلَمّا فَرَغَتْ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَهَازِهَا قَدّمَ لَهَا حَمُوهَا كِنَانَةُ بْنُ الرّبِيعِ أَخُو زَوْجِهَا بَعِيرًا، فَرَكِبَتْهُ وَأَخَذَ قَوْسَهُ وَكِنَانَتَهُ ثُمّ خَرَجَ بِهَا نَهَارًا يَقُودُ بِهَا، وَهِيَ فِي هَوْدَجٍ لَهَا. وَتَحَدّثَ بِذَلِكَ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهَا حَتّى أَدْرَكُوهَا بِذِي

ــ

لَهَا، قَالَ وَسَبَقَ إلَيْهَا هَبّارُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَالْفِهْرِيّ، وَلَمْ يُسَمّ ابْنُ إسْحَاقَ الْفِهْرِيّ وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ: هُوَ نَافِعُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ، وَفِي غَيْرِ السّيرَةِ أَنّهُ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْبَزّارُ فِيمَا بَلَغَنِي.

وَذَكَرَ أَنّ زَيْنَبَ حِينَ رَوّعَهَا هَبّارُ بْنُ الْأَسْوَدِ أَلْقَتْ ذَا بَطْنِهَا، وَزَادَ غَيْرُ ابْنِ إسْحَاقَ أَنّهُ نَخَسَ بِهَا الرّاحِلَةَ فَسَقَطَتْ عَلَى صَخْرَةٍ وَهِيَ حَامِلٌ فَهَلَكَ جَنِينُهَا، وَلَمْ تَزَلْ تُهْرِيقُ الدّمَاءَ حَتّى مَاتَتْ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ إسْلَامِ بَعْلهَا أبي العَاصِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>