للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا نَزَلَ فِي تَبْشِيرِ الْمُسْلِمِينَ بِالْمُسَاعَدَةِ وَالنّصْرِ وَتَحْرِيضِهِمْ:

ثُمّ قَالَ تَعَالَى: {إِذْ يُوحِي رَبّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنّي مَعَكُمْ فَثَبّتُوا الّذِينَ آمَنُوا} أَيْ آزِرُوا الّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الّذِينَ كَفَرُوا الرّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلّ بَنَانٍ ذَلِكَ بِأَنّهُمْ شَاقّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الْأَنْفَال:١٣] ثُمّ قَالَ {يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلّوهُمُ الْأَدْبَارَ وَمَنْ يُوَلّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلّا مُتَحَرّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الْأَنْفَال:١٥-١٦] أَيْ تَحْرِيضًا لَهُمْ عَلَى عَدُوّهِمْ لِئَلّا يَنْكُلُوا عَنْهُمْ إذَا لَقُوهُمْ وَقَدْ وَعَدَهُمْ اللهُ فِيهِمْ مَا وَعَدَهُمْ.

مَا نَزَلَ فِي رَمْيِ الرّسُولِ لِلْمُشْرِكِينَ بِالْحَصْبَاءِ

ثُمّ قَالَ تَعَالَى فِي رَمْيِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيّاهُمْ بِالْحَصْبَاءِ مِنْ يَدِهِ حِينَ رَمَاهُمْ {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنّ اللهَ رَمَى} أَيْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِرَمْيِك، لَوْلَا الّذِي جَعَلَ اللهُ فِيهَا مِنْ نَصْرِك، وَمَا أَلْقَى فِي صُدُورِ عَدُوّك مَعَهَا حِينَ هَزَمَهُمْ اللهُ {وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً} [الْأَنْفَال:١٧] أَيْ لِيَعْرِفَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِمْ فِي إظْهَارِهِمْ عَلَى عَدُوّهِمْ وَقِلّةِ عَدَدِهِمْ لِيَعْرِفُوا بِذَلِكَ حَقّهُ وَيَشْكُرُوا بِذَلِكَ نِعْمَتَهُ.

ــ

حَوْلَ التّوَلّي يَوْمَ الزّحْفِ وَالِانْتِصَارَاتِ الْإِسْلَامِيّةِ الْبَاهِرَةِ

وَقَوْلُهُ {فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ} [الْأَنْفَال:١٥] الْآيَةَ قَالَ الْحَسَنُ لَيْسَ الْفِرَارُ مِنْ الزّحْفِ مِنْ الْكَبَائِرِ إلّا يَوْمَ بَدْرٍ وَفِي الْمَلْحَمَةِ الْكُبْرَى الّتِي تَأْتِي آخِرَ الزّمَانِ وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ إذَا حَضَرَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَتَحَيّزْ إلَى فِئَةٍ فَأَمّا إذَا كَانَ الْفِرَارُ إلَى الْإِمَامِ فَهُوَ مُتَحَيّزٌ إلَى فِئَةٍ وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ حِينَ بَلَغَهُ قَتْلُ أَبِي عُبَيْدِ بْنِ مَسْعُودٍ وَمَا أَوْقَعَ الْفُرْسُ بِالْمُسْلِمِينَ: هَلّا تَحَيّزَ إلَيّ أَبُو عُبَيْدِ بْنُ مَسْعُودٍ فَإِنّي فِئَةٌ لِكُلّ مُسْلِمٍ وَرُوِيَ مِثْلُ هَذَا عَنْ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنّهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ الّذِينَ رَجَعُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>