للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهَا. وَذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ فَقَالَ تَعَالَى لِنَبِيّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ جَهَالَتَهُمْ وَغِرّتَهُمْ وَاسْتِفْتَاحَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ حِينَ نَعَى سُوءَ أَعْمَالِهِمْ {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} أَيْ لِقَوْلِهِمْ إنّا نَسْتَغْفِرُ وَمُحَمّدٌ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، ثُمّ قَالَ {وَمَا لَهُمْ أَلّا يُعَذّبَهُمُ اللهُ} وَإِنْ كُنْت بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وَإِنْ كَانُوا يَسْتَغْفِرُونَ كَمَا يَقُولُونَ {وَهُمْ يَصُدّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} أَيْ مَنْ آمَنَ بِاَللهِ وَعَبَدَهُ أَيْ أَنْتَ وَمَنْ اتّبَعَك، {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلّا الْمُتّقُونَ} الّذِينَ يُحَرّمُونَ حُرْمَتَهُ وَيُقِيمُونَ الصّلَاةَ عِنْدَهُ أَيْ أَنْتَ وَمَنْ آمَنَ بِك " وَلَكِنّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ} الّتِي يَزْعُمُونَ أَنّهُ يُدْفَعُ بِهَا عَنْهُمْ {إِلّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} [الْأَنْفَال:٣٢-٣٥]

تَفْسِيرُ ابْنِ هِشَامٍ لِبَعْضِ الْغَرِيبِ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: الْمُكَاءُ الصّفِيرُ. وَالتّصْدِيَةُ التّصْفِيقُ. قَالَ عَنْتَرَةُ بْنُ عَمْرِو "بْنِ شَدّادٍ الْعَبْسِيّ:

وَلَرُبّ قَرْنٍ قَدْ تَرَكْت مُجَدّلًا ... تَمْكُو فَرِيصَتُهُ كَشِدْقِ الْأَعْلَمِ

يَعْنِي: صَوْتَ خُرُوجِ الدّمِ مِنْ الطّعْنَةِ كَأَنّهُ الصّفِيرُ. وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ. وَقَالَ الطّرِمّاحُ بْنُ حَكِيمٍ الطّائِيّ:

لَهَا كُلّمَا رِيعَتْ صُدَاةٌ وَرَكْدَةٌ ... بِمُصْدَانِ أَعْلَى ابْنَيْ شَمّامٍ الْبَوَئِنِ

وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ. يَعْنِي الْأُرْوِيّةَ يَقُولُ إذَا فَزِعَتْ قَرَعَتْ بِيَدِهَا الصّفَاةَ ثُمّ رَكَدَتْ تَسْمَعُ صَدَى قَرْعِهَا بِيَدِهَا الصّفَاةُ مِثْلُ التّصْفِيقِ وَالْمُصْدَانُ الْحِرْزُ. وَابْنَا شَمّامٍ جَبَلَانِ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَذَلِكَ مَا لَا يُرْضِي اللهَ عَزّ وَجَلّ وَلَا يُحِبّهُ وَلَا مَا افْتَرَضَ

ــ

خَفّفَ اللهُ وَنَسَخَهُ بِقَوْلِهِ {الْآنَ خَفّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنّ فِيكُمْ ضَعْفاً} [الْأَنْفَال:٦٦] الْآيَةَ كَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ وَلَكِنْ لَا يَتَبَيّنُ فِيهِ النّسْخُ لِأَنّ قَوْلَهُ {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ} [الْأَنْفَال:٦٥] إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>