قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: لَمّا أُصِيبَتْ رِجْلُ عُبَيْدَةَ قَالَ أَمَا وَاَللهِ لَوْ أَدْرَكَ أَبُو طَالِبٍ هَذَا الْيَوْمَ لَعَلِمَ أَنّي أَحَقّ مِنْهُ بِمَا قَالَ حِينَ يَقُولُ
كَذَبْتُمْ وَبَيْتِ اللهِ يُبْزَى مُحَمّدٌ ... وَلَمّا نُطَاعِنْ دُونَهُ وَنُنَاضِلْ
وَنُسْلِمُهُ حَتّى نُصْرَعَ حَوْلَهُ ... وَنَذْهَلُ عَنْ أَبْنَائِنَا وَالْحَلَائِلِ
وَهَذَانِ الْبَيْتَانِ فِي قَصِيدَةٍ لِأَبِي طَالِبٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِيمَا مَضَى مِنْ هَذَا الْكِتَابِ.
رِثَاءُ كَعْبٍ لِعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمّا هَلَكَ عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ مِنْ مُصَابِ رِجْلِهِ يَوْمَ بَدْرٍ قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيّ يَبْكِيهِ
أَيَا عَيْنُ جُودِي وَلَا تَبْخَلِي ... بِدَمْعِك حَقّا وَلَا تَنْزُرِي
عَلَى سَيّدٍ هَدّنَا هُلْكُهُ ... كَرِيمِ الْمَشَاهِدِ وَالْعُنْصُرِ
جَرِيءِ الْمَقْدِمِ شَاكِي السّلَاحِ ... كَرِيمِ النّثَا طَيّبِ الْمَكْسِرِ
ــ
أَجَنّهُ كَمَا يُقَالُ مَا أَحْمَقَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَضْرُوبٌ وَلَا مَرْكُوبٌ وَلَا مَشْتُومٌ وَلَا مَمْدُوحٌ فَلَا يُقَالُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ مَا أَفْعَلَهُ وَلَا هُوَ أَفْعَلُ مِنْ غَيْرِهِ.
فَإِنْ قُلْت: فَكَانَ يَنْبَغِي عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ أَيْضًا أَنْ يُؤْمَرَ فِيهِ بِغَيْرِ اللّامِ كَمَا يُؤْمَرُ الْفَاعِلُ إِذا، وَقَدْ قُلْتُمْ أَنّهُ فَاعِلٌ فِي الْمَعْنَى فَالْجَوَابُ أَنّ الْأَمْرَ إنّمَا هُوَ بِلَفْظِ الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ تَضْرِبُ وَتَخْرُجُ فَإِذَا أَمَرْت حَذَفْت حَرْفَ الْمُضَارَعَةِ وَبَقِيَتْ حُرُوفُ الْفِعْلِ عَلَى بِنْيَتِهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ زُهِيت فَأَنْتَ تُزْهَى، وَلَا شُغِلْت فَأَنْتَ تُشْغَلُ لِأَنّك لَوْ حَذَفْت مِنْهُ حَرْفَ الْمُضَارَعَةِ لَبَقِيَ لَفْظُ الْفِعْلِ عَلَى بِنْيَةٍ لَيْسَتْ لِلْغَائِبِ وَلَا لِلْمُخَاطَبِ لِأَنّ بِنْيَةَ الْأَمْرِ لِلْمُخَاطَبِ افْعَلْ وَبِنْيَتُهُ لِلْغَائِبِ فَلْيَفْعَلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute