مِنْ جَنَابَةٍ حَتّى يَغْزُوَ مُحَمّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ فِي مِائَتَيْ رَاكِبٍ مِنْ قُرَيْشٍ، لِيَبَرّ يَمِينَهُ فَسَلَكَ النّجْدِيّةَ، حَتّى نَزَلَ بِصَدْرِ قَنَاةٍ إلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ ثَيْب، مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى بَرِيدٍ أَوْ نَحْوِهِ ثُمّ خَرَجَ مِنْ اللّيْلِ حَتّى أَتَى بَنِي النّضِيرِ تَحْتَ اللّيْلِ فَأَتَى حُيَيّ بْنَ أَخْطَبَ، فَضَرَبَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَأَبَى أَنْ يَفْتَحَ لَهُ بَابَهُ وَخَافَهُ فَانْصَرَفَ عَنْهُ إلَى سَلّامِ بْنِ مِشْكَمٍ، وَكَانَ سَيّدَ بَنِي النّضِيرِ فِي زَمَانِهِ ذَلِكَ وَصَاحِبَ كَنْزِهِمْ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَهُ فَقْرَاهُ وَسَقَاهُ وَبَطَنَ لَهُ مِنْ خَبَرِ النّاسِ ثُمّ خَرَجَ فِي عَقِبِ لَيْلَتِهِ حَتّى أَتَى أَصْحَابَهُ فَبَعَثَ رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ إلَى الْمَدِينَةِ، فَأَتَوْا نَاحِيَةً مِنْهَا، قَالَ لَهَا: الْعُرَيْض، فَحَرَقُوا فِي أَصْوَارٍ مِنْ نَخْلٍ بِهَا، وَوَجَدُوا بِهَا رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ وَحَلِيفًا لَهُ فِي حَرْثٍ لَهُمَا، فَقَتَلُوهُمَا، ثُمّ انْصَرَفُوا رَاجِعِينَ وَنَذَرَ بِهِمْ النّاسُ.
فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَلَبِهِمْ وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ بَشِيرَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ وَهُوَ أَبُو لُبَابَةَ فِيمَا قَالَ ابْنُ هِشَامٍ، حَتّى بَلَغَ قَرْقَرَةَ الْكُدْرِ، ثُمّ انْصَرَفَ رَاجِعًا، وَقَدْ فَاتَهُ أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُهُ وَقَدْ رَأَوْا أَزْوَادًا مِنْ أَزْوَادِ الْقَوْمِ قَدْ طَرَحُوهَا فِي الْحَرْثِ يَتَخَفّوْنَ مِنْهَا لِلنّجَاءِ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ رَجَعَ بِهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا رَسُولَ اللهِ أَتَطْمَعُ لَنَا أَنْ تَكُونَ غَزْوَةً؟ قَالَ " نعم ".
سَبَب تَسْمِيَتهَا بغزوة السويق
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ:
ــ
فَاطَّهَّرُوا} [الْمَائِدَة:٦] فَكَانَ الْحَدَثُ أَكْبَرَ مَعْرُوفًا بِهَذَا الِاسْمِ فَلَمْ يَحْتَاجُوا إلَى تَفْسِيرِهِ وَأَمّا الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ وَهُوَ الْمُوجِبُ لِلْوُضُوءِ فَلَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ فِيهِ وَإِنْ كُنْتُمْ مُحْدِثِينَ فَتَوَضّئُوا كَمَا قَالَ {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطّهّرُوا} بَلْ قَالَ {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [الْمَائِدَةُ:٦] فَبَيّنَ الْوُضُوءَ وَأَعْضَاءَهُ وَكَيْفِيّتَهُ وَالسّبَبَ الْمُوجِبَ لَهُ كَالْقِيَامِ مِنْ النّوْمِ وَالْمَجِيءِ مِنْ الْغَائِطِ وَمُلَامَسَةِ النّسَاءِ وَلَمْ يَحْتَجْ فِي أَمْرِ الْجَنَابَةِ إلَى بَيَانِ أَكْثَرَ مِنْ وُجُوبِ الطّهَارَةِ مِنْهَا: الصّلَاةُ.
وَقَوْلُهُ أَصْوَارِ نَخْلٍ، هِيَ جَمْعُ صُورٍ. وَالصّورُ نَخْلٌ مُجْتَمَعَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute