للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذّنُوبَ إِلّا اللهُ وَلَمْ يُصِرّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (آل عمرَان:١٣٥" أَيْ إنْ أَتَوْا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَعْصِيَةِ ذَكَرُوا نَهْيَ الله عَنْهَا، وَمَا حَرّمَ عَلَيْهِمْ فَاسْتَغْفَرُوهُ لَهَا، وَعَرَفُوا أَنّهُ لَا يَغْفِرُ الذّنُوبَ إلّا هُوَ.

{وَلَمْ يُصِرّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمرَان:١٣٥] أَيْ لَمْ يُقِيمُوا عَلَى مَعْصِيَتِي كَفِعْلِ مَنْ أَشْرَكَ بِي فِيمَا غَلَوْا بِهِ فِي كُفْرِهِمْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ مَا حَرّمْت عَلَيْهِمْ مِنْ عِبَادَةِ غَيْرِي. { {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبّهِمْ وَجَنّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمرَان:١٣٦] أَيْ ثَوَابُ الْمُطِيعِينَ.

ذَكَرَ مَا أَصَابَهُمْ وَتَعْزِيَتَهُمْ عَنْهُ:

ثُمّ اسْتَقْبَلَ ذِكْرَ الْمُصِيبَةِ الّتِي نَزَلَتْ بِهِمْ وَالْبَلَاءَ الّذِي أَصَابَهُمْ وَالتّمْحِيصَ لِمَا كَانَ فِيهِمْ وَاِتّخَاذَهُ الشّهَدَاءَ مِنْهُمْ فَقَالَهُ تَعْزِيَةً لَهُمْ وَتَعْرِيفًا لَهُمْ فِيمَا صَنَعُوا، وَفِيمَا هُوَ صَانِعٌ بِهِمْ {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [آل عمرَان:١٣٧] أَيْ قَدْ مَضَتْ مِنْهُ وَقَائِعُ نِقْمَةٍ فِي أَهْلِ التّكْذِيبِ لِرُسُلِي وَالشّرْكِ بِي: عَادٌ وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَاب مَدين، فرءوا مُثُلَاتٍ قَدْ مَضَتْ مِنّي فِيهِمْ وَلِمَنْ هُوَ عَلَى مِثْلِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ مِنّي، فَإِنّي أَمْلَيْت لَهُمْ أَيْ لِئَلّا يَظُنّوا

ــ

الْحَذْفُ إلّا فِي الْمَاضِي خَاصّةً لَا يُقَالُ تَتّخِذُ كَمَا يُقَالُ تَخِذَ لِأَنّ الْمُسْتَقْبَلَ لَيْسَ فِيهِ هَمْزَةُ وَصْلٍ وَإِنّمَا فَرّوا فِي الْمَاضِي مِنْ ثِقَلِ الْهَمْزَةِ فِي الِابْتِدَاءِ وَاسْتَغْنَوْا بِحَرَكَةِ التّاءِ عَنْهَا، وَكَسَرُوا الْخَاءَ مِنْ تَخِذْت لِأَنّهُ لَا مُسْتَقْبَلَ لَهُ مَعَ الْحَذْفِ فَحَرّكُوا عَيْنَ الْفِعْلِ بِالْحَرَكَةِ الّتِي كَانَتْ لَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. وَكَلَامُنَا هَذَا عَلَى اللّغَةِ الْمَشْهُورَةِ وَإِلّا فَقَدْ حُكِيَ يَتّخِذُ فِي لُغَةٍ ضَعِيفَةٍ ذَكَرَهَا أَبُو عُبَيْدٍ، وَذَكَرَهَا النّحّاسُ فِي إعْرَابِ الْقُرْآنِ.

أَدِلّةٌ عَلَى صِحّةِ خِلَافَةِ أبي بكر رَضِي الله عَنهُ:

وَذَكَرَ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمرَان:١٤٤] إلَى قَوْلِهِ {وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمرَان: ١٤٤] ظَهَرَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ حِينَ انْقَلَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>