وَعِنْدَكُمْ وَقَدْ بَيّنَ لَكُمْ فِيمَا جَاءَكُمْ بِهِ عَنّي أَنّهُ مَيّتٌ وَمُفَارِقُكُمْ {وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ} [آل عمرَان:١٤٤] أَيْ يَرْجِعُ عَنْ دِينِهِ {فَلَنْ يَضُرّ اللهَ شَيْئًا} أَيْ لَيْسَ يَنْقُصُ ذَلِكَ عِزّ اللهِ تَعَالَى وَلَا مُلْكه وَلَا سُلْطَانَهُ وَلَا قُدْرَتَهُ {وَسَيَجْزِي اللهُ الشّاكِرِينَ} أَيْ مَنْ أَطَاعَهُ وَعَمِلَ بِأَمْرِهِ.
ذِكْرُهُ أَنّ الْمَوْتَ بِإِذْنِ اللهِ
ثُمّ قَالَ: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلّا بِإِذْنِ اللهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً} [آل عمرَان:١٤٥] أَيْ أَنّ لِمُحَمّدِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَلًا هُوَ بَالِغُهُ فَإِذَا أَذِنَ اللهُ عَزّ وَجَلّ فِي ذَلِكَ كَانَ. {وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ} [آل عمرَان:١٤٥] أَيْ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُرِيدُ الدّنْيَا، لَيْسَتْ لَهُ رَغْبَةٌ فِي الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا مَا قَسَمَ لَهُ مِنْ رِزْقٍ وَلَا يَعُدّوهُ فِيهَا، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ حَظّ {وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا} [آل عمرَان:١٤٥] مَا وَعَدَ بِهِ مَعَ مَا يُجْزَى عَلَيْهِ مِنْ رِزْقِهِ فِي دُنْيَاهُ وَذَلِكَ جَزَاءُ الشّاكِرِينَ أَيْ الْمُتّقِينَ.
ذِكْرُ شَجَاعَةِ الْمُجَاهَدِينَ مِنْ قَبْلُ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ
ثُمّ قَالَ {وَكَأَيّنْ مِنْ نَبِيّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبّيّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ
ــ
[التَّوْبَة:١١٩] وَقَدْ بَيّنَ فِي سُورَةِ الْحَشْرِ مَنْ الصّادِقُونَ وَهُمْ الْمُهَاجِرُونَ بِقَوْلِهِ {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات:٨] فَأَمَرَ الّذِينَ تَبَوّءُوا الدّارَ وَالْإِيمَانَ أَنْ يَكُونُوا مَعَهُمْ أَيْ تَبَعًا لَهُمْ فَحَصَلَتْ الْخِلَافَةُ فِي الصّادِقِينَ بِهَذِهِ الْآيَةِ فَاسْتَحَقّوهَا بِهَذَا الِاسْمِ وَلَمْ يَكُنْ فِي الصّادِقِينَ مَنْ سَمّاهُ اللهُ الصّدّيقَ إلّا أَبُو بَكْرٍ فَكَانَتْ لَهُ خَاصّةً ثُمّ لِلصّادِقِينَ بَعْدَهُ.
رِبّيّونَ وَرَفْعُهَا فِي الْآيَةِ
وَذَكَرَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَكَأَيّنْ مِنْ نَبِيّ قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} [آل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute