نُشَاوِرُهُ فِيمَا نُرِيدُ وَقَصْرُنَا ... إذَا مَا اشْتَهَى أَنّا نُطِيعُ وَنَسْمَعُ
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ لَمّا بَدَوْا لَنَا ... ذَرُوا عَنْكُمْ هَوْلَ الْمَنِيّاتِ وَاطْمَعُوا
وَكُونُوا كمن يشري الْحَيَّة تَقَرّبًا ... إلَى مَلِكٍ يُحْيَا لَدَيْهِ وَيُرْجَعُ
وَلَكِنْ خُذُوا أَسْيَافَكُمْ وَتَوَكّلُوا ... عَلَى اللهِ إنّ الْأَمْرَ لِلّهِ أَجْمَعُ
فَسِرْنَا إلَيْهِمْ جَهْرَةً فِي رِحَالِهِمْ ... ضُحَيّا عَلَيْنَا الْبِيضُ لَا نَتَخَشّعُ
بِمَلْمُومَةِ فِيهَا السّنّوْرُ وَالْقَنَا ... إذَا ضَرَبُوا أَقْدَامَهَا لَا تَوَرّعُ
فَجِئْنَا إلَى مَوْجٍ مِنْ الْبَحْرِ وَسَطُهُ ... أَحَابِيشُ مِنْهُمْ حَاسِرٌ وَمُقَنّعٌ
ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَنَحْنُ نَصِيّةٌ ... ثَلَاثُ مِئِينٍ إنْ كَثُرْنَا وَأَرْبَعُ
نُغَاوِرُهُمْ تَجْرِي الْمَنِيّةُ بَيْنَنَا ... نُشَارِعُهُمْ حَوْضَ الْمَنَايَا وَنَشْرَعُ
تَهَادَى قَسَيّ النّبْعِ فِينَا وَفِيهِمْ ... وَمَا هُوَ إلّا الْيَثْرِبِيّ الْمُقَطّعُ
وَمَنْجُوفَةٌ حِرْمِيّةٌ صَاعِدِيّةٌ ... يُذَرّ عَلَيْهَا السّمّ سَاعَةَ تُصْنَعُ
تَصُوبُ بِأَبْدَانِ الرّجَالِ وَتَارَةً ... تَمُرّ بِأَعْرَاضِ الْبِصَارِ تَقَعْقَعُ
ــ
وَقَوْلُهُ وَمَنْجُوفَةٌ مَفْعُولَةٌ مِنْ نَجَفْت: إذَا حَفَرْت، وَيَكُونُ أَيْضًا مِنْ نَجَفْت الْعَنْزَ إذَا شَدَدْتهَا بِالنّجَافِ وَهُوَ الْحَبْلُ فَإِنْ كَانَ أَرَادَ الرّمَاحَ فَمَعْنَى قَوْلِهِ مَنْجُوفَةٌ أَيْ مَشْدُودَةٌ مُثَقّفَةٌ وَإِنْ كَانَ أَرَادَ أَسِنّتَهَا، فَهِيَ أَيْضًا مُتَجَوّفَةٌ مِنْ نَجَفْت إذَا حَفَرْت، لِأَنّ ثَعْلَبَ الرّمْحِ دَاخِلٌ فِي الْحَدِيدَةِ فَهِيَ مَنْجُوفَةٌ لَهُ وَإِنْ كَانَ أَرَادَ السّيُوفَ فَمَنْجُوفَةٌ أَيْ كَالْمَحْفُورَةِ لِأَنّ مُتُونَهَا مِدْوَسَةٌ مَضْرُوبَةٌ بِمَطَارِقِ الْحَدِيدِ فَهِيَ كَالْمَحْفُورَةِ.
وَقَوْلُهُ:
تَصُوبُ بِأَبْدَانِ الرّجَالِ وَتَارَةً ... تَمُرّ بِأَعْرَاضِ الْبِصَارِ تَقَعْقَعُ
يَقُولُ تَشُقّ أَبْدَانَ الرّجَالِ حَتّى تَبْلُغَ الْبِصَارَ فَتَقَعْقَعُ فِيهَا، وَهِيَ جَمْعُ بَصْرَةٍ وَهِيَ حِجَارَةٌ لَيّنَةٌ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ جَمْعَ بَصِيرَةٍ مِثْلُ كَرِيمَةٍ وَكِرَامٍ وَالْبَصِيرَةُ الدّرْعُ وَقِيلَ التّرْسُ وَالْبَصِيرَةُ أَيْضًا: طَرِيقَةُ الدّمِ فِي الْأَرْضِ فَإِنْ