فَكُلّهُمْ مَاتَ حُرّ الْبَلَاءِ ... عَلَى مِلّةِ اللهِ لَمْ يَحْرَجْ
كَحَمْزَةِ لَمّا وَفّى صَادِقًا ... بِذِي هِبَةٍ صَارِمِ سَلْجَجْ
فَلَاقَاهُ عَبْدُ بَنِي نَوْفَلٍ ... يُبَرْبِرُ كَالْجَمَلِ الْأَدْعَجْ
فَأَوْجَرَهُ حَرْبَةً كَالشّهَابِ ... تَلَهّبُ فِي اللهَبِ الْمُوهَجْ
وَنُعْمَانُ أَوْفَى بِمِيثَاقِهِ ... وَحَنْظَلَةُ الْخَيْرُ لَمْ يُحْنَجْ
عَنْ الْحَقّ حَتّى غَدَتْ رُوحُهُ ... إلَى مَنْزِلٍ فَاخِرِ الزّبْرِجْ
أُولَئِكَ لَا مَنْ ثَوَى مِنْكُمْ ... مِنْ النّارِ فِي الدّرَكِ الْمُرْتَجْ
ــ
وَقَوْلُهُ: وَحَنْظَلَةُ الْخَيْرُ لَمْ يُحْنَجْ أَيْ لَمْ يُمْلِهِ شَيْءٌ عَنْ الطّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ يُقَالُ حَنَجْت الشّيْءَ إذَا أَمَلْته وَعَدَلْته عَنْ وَجْهِهِ وَيُقَالُ أَيْضًا: أَحْنَجْتُهُ فَهُوَ مُحْنَجٌ وَسَيَأْتِي فِي الشّعْرِ بَعْدَ هَذَا مَا يَدُلّ عَلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ:
عَنْ الْحَقّ حَتّى غَدَتْ رُوحُهُ
أَنّثَ الرّوحَ لِأَنّهُ فِي مَعْنَى النّفْسِ وَهِيَ لُغَةٌ مَشْهُورَةٌ مَعْرُوفَةٌ. أَمَرَ ذُو الرّمّةِ عِنْدَ مَوْتِهِ أَنْ يُكْتَبَ عَلَى قَبْرِهِ
يَا نَازِعَ الرّوحِ مِنْ جِسْمِي إذَا قُبِضْت ... وَفَارِجَ الْكَرْبِ أَنْقِذْنِي مِنْ النّارِ
فَكَانَ ذَلِكَ مَكْتُوبًا عَلَى قَبْرِهِ.
وَقَوْله: فَاخِرِ الزّبْرِجِ أَيْ فَاخِرُ الزّينَةِ أَيْ ظَاهِرُهَا.
وَقَوْلُهُ فِي الدّرَكِ الْمُرْتَجِ أَيْ الْمُغْلَقِ يُقَالُ ارْتَجْتُ الْبَابَ إذَا أَغْلَقْته، وَهُوَ مِنْ الرّتَاجِ قَالَتْ جَارِيَةٌ مِنْ الْعَرَبِ مَاتَتْ أُمّهَا، وَتَزَوّجَ أَبُوهَا:
وَلَكِنْ قَدْ أَتَى مِنْ دُونِ وُدّي ... وَبَيْنَ فُؤَادِهِ غَلْقُ الرّتَاجِ
وَمَنْ لَمْ يُؤْذِهِ أَلَمٌ بِرَأْسِي ... وَمَا الرّئْمَانُ إلّا بِالنّتَاجِ