أَلَسْنَا نَشُدّ عَلَيْهَا الْعِصَا ... بَ حَتّى تَدُرّ وَحَتّى تَلِينَا
وَيَوْمٌ لَهُ رَهَجٌ دَائِمٌ ... شَدِيدُ التّهَاوُلِ حَامِي الْأَرِينَا
طَوِيلٌ شَدِيدُ أُوَارِ الْقِتَا ... لِ تَنْفِي قَوَاحِزُهُ الْمُقْرِفِينَا
تَخَالُ الْكُمَاةَ بِأَعْرَاضِهِ ... ثِمَالًا عَلَى لَذّةٍ مُنْزِفِينَا
ــ
هَذَا كُلّهُ مِنْ صِفَةِ الْحَرْبِ شَبّهَهَا بِنَاقَةِ صَعْبَةٍ قَلّصَتْ أَيْ صَارَتْ قَلُوصًا، أَيْ إنّا نُذَلّلُ صَعْبَهَا، وَتَلِينُ مِنْ ضِرَاسِهَا. وَقَوْلُهُ وَيَوْمٌ لَهُ رَهَجٌ دَائِمٌ الرّهَجِ الْغُبَارُ.
وَقَوْلُهُ: شَدِيدُ التّهَاوُلِ: جَمْعُ تَهْوِيلٍ وَالتّهَاوِيلُ أَلْوَانٌ مُخْتَلِفَةٌ قَالَ الشّاعِرُ [عَبْدُ الْمَسِيحِ بْنُ عَسَلَةَ] يَصِفُ رَوْضًا:
وَعَازِبٌ قَدْ عَلَا التّهْوِيلُ جَنْبَتَهُ ... لَا تَنْفَعُ النّعْلُ فِي رَقْرَاقِهِ الْحَافِي
وَقَوْلُهُ حَامِي الْأَرِينَا: جَمْعُ إرَةٍ وَهُوَ مُسْتَوْقَدُ النّارِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَزْنُهَا عِلّةً مِنْ الْأُوَارِ وَهُوَ الْحَرّ، فَحُذِفَتْ الْهَمْزَةُ وَهُمِزَتْ الْوَاوُ لِانْكِسَارِهَا، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ وَزْنُهَا فِعَلَةً مِنْ تَأَرّيْتُ بِالْمَكَانِ لِأَنّهُمْ يَتَأَرّوْنَ حَوْلَهَا، وَهَذَا الْوَجْهُ هُوَ الصّحِيحُ لِأَنّهُمْ جَمَعُوهَا عَلَى إرِينَ مِثْلُ سِنِينَ وَلَا يُجْمَعُ هَذَا الْجَمْعُ الْمُسْلَمُ كَجَمْعِ مَنْ يَعْقِلُ إلّا إذَا حُدّدَتْ لَامُهُ وَكَانَ مُؤَنّثًا، وَكَانَ لَامُ الْفِعْلِ حَرْفَ عِلّةٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مُذَكّرٌ كَالْأُمّةِ إذَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ هَذِهِ الشّرُوطُ الْأَرْبَعَةُ جُمِعَ بِالْوَاوِ وَالنّونِ فِي الرّفْعِ. وَالْيَاءِ وَالنّونِ فِي الْخَفْضِ وَالنّصْبِ كَسِنِينَ وَعِضِينَ غَيْرَ أَنّهُمْ قَدْ قَالُوا: رِقِينَ فِي جَمْعِ الرّقّةِ وَهِيَ الْوَرِقُ وَقَدْ تَكَلّمْنَا عَلَى سِرّ هَذَا الْجَمْعِ وَسِرّ أَرْضِينَ فِي " نَتَائِجِ الْفِكْرِ " بِمَا فِيهِ جَلَاءٌ وَالْحَمْدُ لِلّهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute