حَتّى إذَا مَا أَبَوْا إلّا مُحَارَبَةً ... وَاسْتَحْصَدَتْ بَيْنَنَا الْأَضْغَانُ وَالْحِقِدُ
سِرْنَا إلَيْهِمْ بِجَيْشِ فِي جَوَانِبِهِ ... قَوَانِسُ الْبِيضِ وَالْمَحْبُوكَةُ السّرُدُ
وَالْجُرْدُ تَرْفُلُ بِالْأَبْطَالِ شَازِيَةَ ... كَأَنّهَا حِدَأٌ فِي سَيْرِهَا تُؤَدُ
جَيْشٌ يَقُودُهُمْ صَخْرٌ وَيَرْأَسُهُمْ ... كَأَنّهُ لَيْثُ غَابٍ هَاصِرٌ حَرِدُ
فَأَبْرَزَ الْحَيْنَ قَوْمًا مِنْ مَنَازِلِهِمْ ... فَكَانَ مِنّا وَمِنْهُمْ مُلْتَقَى أُحُدِ
فَغُودِرَتْ مِنْهُمْ قَتْلَى، مُجَدّلَة ... كَالْمَعْزِ أَصْرَدَهُ بِالصّرْدَحِ الْبَرْدِ
قَتْلَى كِرَامٌ بَنُو النّجّارِ وَسْطَهُمْ ... وَمُصْعَبٌ مِنْ قَنَانَا حَوْلَهُ قِصَدٌ
وَحَمْزَةُ الْقَرْمُ مَصْرُوعٌ تُطِيفُ بِهِ ... ثَكْلَى وَقَدْ حُزّ مِنْهُ الْأَنْفُ وَالْكَبِدُ
كَأَنّهُ حِينَ يَكْبُو فِي جَدِيّتِهِ ... تَحْتَ الْعِجَاجِ وَفِيهِ ثَعْلَبٌ جَسِدُ
حُوَارُ نَابٍ وَقَدْ وَلّى صَحَابَتُهُ ... كَمَا تَوَلّى النّعَامُ الْهَارِبُ الشّرُدُ
مُجَلّحِينَ وَلَا يَلْوُونَ قَدْ مُلِئُوا ... رُعْبًا، فَنَجّتْهُمْ الْعَوْصَاءُ وَالْكُوّدُ
تَبْكِي عَلَيْهِمْ نِسَاءٌ لَا يَعُولُ لَهَا ... مِنْ كُلّ سَالِبَةٍ أَثْوَابُهَا قِدَدُ
وَقَدْ تَرَكْنَاهُمْ لِلطّيْرِ مَلْحَمَةً ... وَلِلضّبَاعِ إلَى أَجْسَادِهِمْ تَفِدُ
ــ
وَقَوْلُهُ: ثَعْلَبٌ جَسَدُ يُرِيدُ ثَعْلَبَ الرّمْحِ وَجَسِدَ مِنْ الْجِسَادِ وَهُوَ الدّمُ.
وَقَوْلُهُ: الْأَضْغَانُ وَالْحِقِدُ حَرّكَ الْقَافَ بِالْكَسْرِ ضَرُورَةً وَلَوْ وَقَفَ عَلَى الدّالِ بِالسّكُونِ وَكَانَ الِاسْمُ مَخْفُوضًا كَانَ الْكَسْرُ أَحْسَنَ فِي الْوَقْفِ كَمَا قَالَ وَاصْطِفَافًا بِالرّجْلِ أَيْ الرّجْلِ.
وَقَوْلُهُ: الْعَوْصَاءُ وَالْكُؤُدُ يُرِيدُ الرّمُلَةَ الْعَوِيصُ مَسْلَكُهَا، وَالْكُؤُدُ جَمْعُ عَقَبَةٍ كَؤُودٍ وَهِيَ الشّاقّةُ.