للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُطْلِقُنِي بِيَدِهِ فَلَمّا مَرّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَارِجًا إلَى صَلَاةِ الصُّبْح أطلقهُ.

مَا نزل فِي التَّوْبَة على أبي لبَابَة:

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ:

أَقَامَ أَبُو لُبَابَةَ مُرْتَبِطًا بِالْجِذْعِ سِتّ لَيَالٍ تَأْتِيهِ امْرَأَتُهُ فِي كُلّ وَقْتِ صَلَاةٍ فَتَحُلّهُ لِلصّلَاةِ ثُمّ يَعُودُ فَيَرْتَبِطُ بِالْجِذْعِ فِيمَا حَدّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ

وَالْآيَةُ الّتِي نَزَلَتْ فِي تَوْبَتِهِ قَوْلُ اللهِ عَزّ وَجَلّ: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ

ــ

لَعَلّ وَعَسَى وَلَيْتَ

فَإِنْ قِيلَ لَيْسَ فِي الْآيَةِ نَصّ عَلَى تَوْبَتِهِ وَتَوْبَةِ اللهِ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [التَّوْبَة:١٠٢]

فَالْجَوَابُ أَنّ عَسَى مِنْ اللهِ وَاجِبَةٌ وَخَبَرُ صِدْقٍ. فَإِنْ قِيلَ وَهُوَ سُؤَالٌ يَجِبُ الِاعْتِنَاءُ بِهِ إنّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِلِسَانِ الْعَرَبِ، وَلَيْسَتْ عَسَى فِي كَلَامِ الْعَرَبِ بِخَبَرِ وَلَا تَقْتَضِي وُجُوبًا، فَكَيْفَ تَكُونُ عَسَى وَاجِبَةً فِي الْقُرْآنِ وَلَيْسَ بِخَارِجِ عَنْ كَلَامِ الْعَرَبِ؟

وَأَيْضًا: فَإِنّ لَعَلّ تُعْطِي مَعْنَى التّرَجّي، وَلَيْسَتْ مِنْ اللهِ وَاجِبَةً فَقَدْ قَالَ {لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [ابراهيم:٣٧] فَلَمْ يَشْكُرُوا، وَقَالَ {لَعَلّهُ يَتَذَكّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه:٤٤] فَلَمْ يَتَذَكّرْ وَلَمْ يَخْشَ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ لَعَلّ وَعَسَى حَتّى صَارَتْ عَسَى وَاجِبَةً؟.

قُلْنَا: لَعَلّ تُعْطِي التّرَجّيَ وَذَلِكَ التّرَجّي مَصْرُوفٌ إلَى الْخَلْقِ وَعَسَى مِثْلُهَا فِي التّرَجّي، وَتَزِيدُ عَلَيْهَا بِالْمُقَارَبَةِ وَلِذَلِكَ قَالَ {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الْإِسْرَاءَ:٧٩] وَمَعْنَاهُ التّرَجّي مَعَ الْخَبَرِ بِالْقُرْبِ كَأَنّهُ قَالَ قَرُبَ أَنْ يَبْعَثَك، فَالتّرَجّي مَصْرُوفٌ إلَى الْعَبْدِ كَمَا فِي لَعَلّ وَالْخَبَرُ عَنْ الْقُرْبِ وَالْمُقَارَبَةِ مَصْرُوفٌ إلَى اللهِ تَعَالَى، وَخَبَرُهُ حَقّ وَوَعْدُهُ حَتْمٌ فَمَا تَضَمّنَتْهُ مِنْ الْخَبَرِ فَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>