للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمّاسٍ فِي الْجَاهِلِيّةِ. ذَكَرَ لِي بَعْضُ وَلَدِ الزّبِيرِ أَنّهُ كَانَ مَنّ عَلَيْهِ يَوْمَ بُعَاثٍ أَخَذَهُ فَجَزّ نَاصِيَتَهُ ثُمّ خَلّى سَبِيلَهُ - فَجَاءَهُ ثَابِتٌ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرّحْمَنِ هَلْ تَعْرِفُنِي؟ قَالَ وَهَلْ يَجْهَلُ مِثْلِي مِثْلَك، قَالَ إنّي قَدْ أَرَدْت أَنْ أَجْزِيَك بِيَدِك عِنْدِي، قَالَ إنّ الْكَرِيمَ يَجْزِي الْكَرِيمَ ثُمّ أَتَى ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ إنّهُ قَدْ كَانَتْ لِلزّبِيرِ عَلَيّ مِنّةٌ وَقَدْ أَحْبَبْت أَنْ أَجْزِيَهُ بِهَا، فَهَبْ لِي دَمَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "هُوَ لَك"، فَأَتَاهُ فَقَالَ إنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ وَهَبَ لِي دَمَك، فَهُوَ لَك، قَالَ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا أَهْلَ لَهُ وَلَا وَلَدَ فَمَا يَصْنَعُ بِالْحَيَاةِ؟ قَالَ فَأَتَى ثَابِتٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمّي يَا رَسُولَ اللهِ هَبْ لِي امْرَأَتَهُ وَوَلَدَهُ قَالَ "هُمْ لَك". قَالَ فَأَتَاهُ فَقَالَ قَدْ وَهَبَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَك وَوَلَدَك، فَهُمْ لَك، قَالَ أَهْلُ بَيْتٍ بِالْحِجَازِ لَا مَالَ لَهُمْ فَمَا بَقَاؤُهُمْ عَلَى ذَلِكَ؟ فَأَتَى ثَابِتٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ مَالَهُ قَالَ "هُوَ لَك". فَأَتَاهُ ثَابِتٌ فَقَالَ قَدْ أَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالَك، فَهُوَ لَك، قَالَ أَيْ ثَابِتُ مَا فَعَلَ الّذِي كَأَنّ وَجْهَهُ مِرْآةٌ صِينِيّةٌ يَتَرَاءَى فِيهَا عَذَارَى الْحَيّ كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ؟ قَالَ قُتِلَ قَالَ فَمَا فَعَلَ سَيّدُ الْحَاضِرِ وَالْبَادِي حُيَيّ بْنُ أَخْطَبَ؟ قَالَ قُتِلَ قَالَ فَمَا فَعَلَ مُقَدّمَتُنَا إذَا شَدَدْنَا، وَحَامِيَتُنَا إذَا فَرَرْنَا، عَزّالُ بْنُ سَمَوْأَلٍ؟ قَالَ قُتِلَ قَالَ فَمَا فَعَلَ الْمَجْلِسَانِ؟ يَعْنِي بَنِي كَعْبِ بْنِ قُرَيْظَةَ وَبَنِيّ عَمْرِو بْنِ قُرَيْظَةَ؟ قَالَ ذَهَبُوا قُتِلُوا. قَالَ فَإِنّي أَسْأَلُك يَا ثَابِتُ بِيَدِي عِنْدَك إلّا أَلْحَقْتنِي بِالْقَوْمِ فَوَاَللهِ مَا فِي الْعَيْشِ بَعْدَ هَؤُلَاءِ مِنْ خَيْرٍ فَمَا أَنَا بِصَابِرِ لِلّهِ قَتْلَةُ دَلْوٍ نَاضِحٍ حَتّى أَلْقَى الْأَحِبّةَ. فَقَدّمَهُ ثَابِتٌ فَضَرَبَ عُنُقَهُ.

فَلَمّا بَلَغَ أَبَا بَكْرٍ الصّدّيقَ قَوْلُهُ أَلْقَى الْأَحِبّةَ. قَالَ يَلْقَاهُمْ وَاَللهِ فِي نَارِ جَهَنَّم خَالِدا فِيهَا مخلد.

ــ

وَاخْتُلِفَ فِي الزّبِيرِ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ فَقِيلَ الزّبِيرُ بِفَتْحِ الزّايِ وَكَسْرِ الْبَاءِ كَاسْمِ جَدّهِ وَقِيلَ الزّبَيْرُ وَهُوَ قَوْلُ الْبُخَارِيّ فِي التّارِيخِ.

وَذَكَرَ فِيهِ قَوْلَ الزّبِيرِ

فَمَا أَنَا بِصَابِرِ لِلّهِ فَتْلَةَ دَلْوٍ نَاضِحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>