للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فَالْمَحْذُوفُ مِنْ الطّوِيلِ إذَا خَرُمَ حَرْفٌ مِنْ وَتَدٍ مَجْمُوعٍ وَالْمَحْذُوفُ مِنْ الْكَامِلِ إذَا خَرُمَ حَرْفٌ مِنْ سَبَبٍ ثَقِيلٍ بَعْدَهُ سَبَبٌ خَفِيفٌ وَلَمّا كَانَ الْإِضْمَارُ فِيهِ كَثِيرًا، وَهُوَ إسْكَانُ التّاءِ مِنْ مُتَفَاعِلُنْ فَمِنْ ثَمّ قَالَ أَبُو عَلِيّ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْخَرْمُ لِأَنّ ذَلِكَ يَئُولُ إلَى الِابْتِدَاءِ بِسَاكِنِ وَهَذَا الْكَلَامُ لِمَنْ تَدَبّرَهُ بَارِدٌ غَثّ ; لِأَنّ الْكَلِمَةَ الّتِي يَدْخُلُهَا الْخَرْمُ لَمْ يَكُنْ قَطّ فِيهَا إضْمَارٌ نَحْوَ تَنَكّلُوا عَنْ بَطْنِ مَكّةَ، وَاَلّتِي يَدْخُلُهَا الْإِضْمَارُ لَا يُتَصَوّرُ فِيهَا الْخَرْمَ نَحْوَ لَا يَبْعَدْنَ قَوْمِي، وَنَحْوَ قَوْلِهِ "لَمْ تُخْلَقْ الشّعْرَى لَيَالِيَ حُرّمَتْ" فَتَعْلِيلُهُ فِي هَذَا الشّعْرِ إِذا لَا يَفِيدُ شَيْئًا، وَمَا أَبْعَدَ الْعَرَبَ مِنْ الِالْتِفَاتِ إلَى هَذِهِ الْأَغْرَاضِ الّتِي يَسْتَعْمِلُهَا بَعْضُ النّحَاةِ وَهِيَ أَوْهَى مِنْ نَسْجِ الْخَزَرْنَقِ١.

وَقَوْلُهُ:

لَمْ تُخْلَقْ الشّعْرَى لَيَالِيَ حُرّمَتْ

إنْ كَانَ ابْنُ الزّبَعْرَى قَالَ هَذَا فِي الْإِسْلَامِ فَهُوَ مُنْتَزِعٌ مِنْ قَوْلِ النّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "إنّ اللهَ حَرّمَ مَكّةَ، وَلَمْ يُحَرّمْهَا النّاسُ". وَمِنْ قَوْلِهِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ "إنّ اللهَ حَرّمَهَا يَوْمَ خَلَقَ السّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ"٢، وَالتّرْبَةُ خُلِقَتْ قَبْلَ خَلْقِ الْكَوَاكِبِ وَإِنْ كَانَ ابْنُ الزّبَعْرَى، قَالَ هَذَا فِي الْجَاهِلِيّةِ فَإِنّمَا أَخَذَهُ - وَاَللهُ أَعْلَمُ - مِنْ الْكِتَابِ الّذِي وَجَدُوهُ فِي الْحَجَرِ بِالْخَطّ الْمُسْنَدِ٣ حِينَ بَنَوْا الْكَعْبَةَ، وَفِيهِ"أَنَا اللهُ رَبّ مَكّةَ خَلَقْتهَا يَوْمَ خَلَقْت السّمَوَاتِ وَالْأَرْض" الْحَدِيثُ. وَقَوْلُهُ "وَلَمْ يَعِشْ بَعْدَ الْإِيَابِ سَقِيمُهَا "هَكَذَا فِي النّسْخَةِ الْمُقَيّدَةِ عَلَى أَبِي الْوَلِيدِ الْمُقَابَلَةِ بِالْأَصْلَيْنِ اللّذَيْنِ كَانَا عِنْدَهُ وَقَابَلَهَا أَبُو بَحْرٍ - رَحِمَهُ اللهُ – بِهِمَا


١ الخزرنق: العنكبوت.
٢ أخرجهُمَا البُخَارِيّ وَمُسلم.
٣ أَي خطّ حمير.

<<  <  ج: ص:  >  >>