للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ نَجْعَلْ تِجَارَتَنَا اشْتِرَاءَ الْحَمِ ... يرِ لِأَرْضِ دَوْسٍ أَوْ مُرَادِ

بِلَادٌ لَمْ تَثُرْ إلّا لِكَيْمَا ... نُجَالِدَ إنْ بِشِطْمٍ لِلْجِلَادِ

أَثَر سِكّة الأَنْبَاط فِيهَا ... فَلَم تَر مِثْلَها جَلْهَاتِ وَاد

ــ

صَارَ كَذَلِكَ ارْقَاطّ وَاسْحَامّ وَاسْحَارّ وَإِذَا أَخَذَ السّبَلُ الْحَبّ قِيلَ أَلْحَمَ وَأَسْفَى مِنْ السّفَى، وَأَشَعّ مِنْ الشّعَاعِ بِفَتْحِ الشّينِ وَكَسْرِهَا، وَهُوَ السّفَى، وَيُقَالُ أَسْبَلَ الزّرْعُ مِنْ السّبَلِ كَمَا يُقَالُ بَعِيرٌ حَظِلٌ وَأَحْظَلَ الْمَكَانُ مِنْ الْحَنْظَلِ وَهِيَ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَبَنُو تَمِيمٍ يَقُولُونَ سَبَلٌ وَأَمّا هَمْدَان فَيُسَمّونَ السّنْبُلَ سُبُولًا، وَالْوَاحِدَةُ سَبُولَةٌ فَقِيَاسُ لُغَتِهِمْ أَنْ يُقَالَ أَسْبَلَ وَإِنّمَا فَخَرَتْ الْأَنْصَارُ فِي هَذَا الشّعْرِ وَاَلّذِي قَبْلَهُ بِنَخْلِهَا وَآطَامِهَا، إشَارَةً إلَى عِزّهَا وَمَنَعَتِهَا، وَأَنّهَا لَمْ تُغْلَبُ عَلَى بِلَادِهَا عَلَى قَدِيمِ الدّهْرِ كَمَا أُجْلِيَتْ أَكْثَرُ الْأَعَارِيبِ عَنْ مَحَالّهَا، وَأَزْعَجَهَا الْخَوْفُ عَنْ مَوَاطِنِهَا، وَهَذَا الْمَعْنَى أَرَادَ حَسّانُ فِي قَوْلِهِ

أَوْلَادُ جَفْنَةَ حَوْلَ قَبْرِ أَبِيهِمْ ... قَبْرِ ابْنِ مَارِيَةَ الْكَرِيمِ الْمُفْضِلِ

لِأَنّ إقَامَتَهُمْ حَوْلَ قُبُورِ آبَائِهِمْ وَأَجْدَادِهِمْ دَلِيلٌ عَلَى مَنَعَتِهِمْ وَأَلّا مُغَالِبَ لَهُمْ عَلَى مَا تَخَيّرُوهُ مِنْ بِقَاعِ الْأَرْضِ وَآثَرُوهُ عِنْدَ ارْتِيَادِهِمْ. وَقَوْلُهُ

أَثَرْنَا سِكّةَ الْأَنْبَاطِ فِيهَا

السّكّةُ النّخْلُ الْمُصْطَفّ، أَيْ حَرَثْنَاهَا وَغَرَسْنَاهَا، كَمَا تَفْعَلُ الْأَنْبَاطُ فِي أَمْصَارِهَا لَا تَخَافُ عَلَيْهَا كَيْدَ كَائِدٍ وَإِيّاهَا أَرَادَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ خَيْرُ الْمَالِ سِكّةٌ مَأْبُورَةُ.

وَالسّكّةُ أَيْضًا: السّنّةُ وَهِيَ الْحَدِيدَةُ الّتِي يَشُقّ بِهَا الْفَدّانُ

<<  <  ج: ص:  >  >>