مَقْيَسٍ بن صبَابَة وحيلته فِي الْأَخْذ بثأر أَخِيه وشعره فِي ذَلِك:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ:
وَقَدِمَ مَقْيَسُ بْنُ صُبَابَةَ مِنْ مَكّةَ مُسْلِمًا، فِيمَا يَظْهَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ جِئْتُك مُسْلِمًا، وَجِئْتُك أَطْلُبُ دِيَةَ أَخِي، قُتِلَ خَطَأً. فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدِيَةِ أَخِيهِ هِشَامِ بْنِ صُبَابَةَ ; فَأَقَامَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ كَثِيرٍ ثُمّ عَدَا عَلَى قَاتِلِ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ ثُمّ خَرَجَ إلَى مَكّةَ مُرْتَدّا "فَقَالَ فِي شِعْرٍ يَقُولُهُ:
شَفَى النّفْسَ أَنْ قَدْ مَاتَ بِالْقَاعِ مُسْنَدًا ... تُضَرّجُ ثَوْبَيْهِ دِمَاءُ الْأَخَادِعِ
وَكَانَتْ هُمُومُ النّفْسِ مِنْ قَبْلِ قَتْلِهِ ... تُلِمّ فَتَحْمِينِي وِطَاءَ الْمَضَاجِعِ
حَلَلْت بِهِ وِتْرِي وَأَدْرَكْت ثُؤْرَتِي ... وَكُنْت إلَى الْأَوْثَانِ أَوّلَ رَاجِعِ
ثَأَرْت بِهِ فِهْرًا وَحَمّلْت عَقْلَهُ ... سَرَاةَ بَنِي النّجّارِ أَرْبَابِ فَارِعِ
وَقَالَ مَقْيَسُ بْنُ صُبَابَةَ أَيْضًا:
ــ
سَدِكَتْ فِي نُفُوسِهِمْ مِنْ أَخْلَاقِ الْجَاهِلِيّةِ لَا يَسْتَطِيعُ إزَالَتُهَا إلّا الّذِي فَطَرَ الْفِطْرَةَ الْأُولَى، وَهُوَ الْقَادِرُ عَلَى مَا يَشَاءُ وَأَمّا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ فَكَانَ مِنْ كُتّابِ النّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ اسْمُهُ حُبَابٌ وَبِهِ كَانَ يُكَنّى أَبُوهُ فَسَمّاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللهِ مَاتَ شَهِيدًا بِالْيَمَامَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَرَوَى الدّارَقُطْنِيّ مُسْنَدًا "أَنّ النّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرّ عَلَى جَمَاعَةٍ فِيهِمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيّ فَسَلّمَ عَلَيْهِمْ ثُمّ وَلّى، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ لَقَدْ عَنَا ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ فِي هَذِهِ الْبِلَادِ فَسَمِعَهَا ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ فَاسْتَأْذَنَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَنْ يَأْتِيَهُ بِرَأْسِ أَبِيهِ فَقَالَ لَا، وَلَكِنْ بِرّ أَبَاك " وَذَكَرَ ابْنُ إسْحَاقَ فِي هَذَا الْخَبَرِ أَنّ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَلَغَتْهُ مَقَالَةُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيّ: مَتَنَ النّاسَ يَوْمَهُمْ ذَلِكَ وَيُرْوَى مَشَى، فَأَمّا مَتَنَ فَقَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ يُقَالُ سَارُوا سَيْرًا مُمَاتِنًا، أَيْ بَعِيدًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute