نزُول الْقُرْآن بِبَرَاءَة عَائِشَةَ:
قَالَتْ: ثُمّ دَخَلَ عَلَيّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدِي أَبَوَايَ وَعِنْدِي امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، وَأَنَا أَبْكِي، وَهِيَ تَبْكِي مَعِي، فَجَلَسَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمّ قَالَ يَا عَائِشَةُ، إنّهُ قَدْ كَانَ مَا قَدْ بَلَغَك مِنْ قَوْلِ النّاسِ فَاتّقِي اللهَ وَإِنْ كُنْت قَدْ قَارَفْت سُوءًا، مِمّا يَقُولُ النّاسُ فَتُوبِي إلَى اللهِ فَإِنّ اللهَ يَقْبَلُ التّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ قَالَتْ فَوَاَللهِ مَا هُوَ إلّا أَنْ قَالَ لِي ذَلِكَ فَقَلَصَ دَمْعِي، حَتّى مَا أُحِسّ مِنْهُ شَيْئًا، وَانْتَظَرْت أَبَوَيّ أَنْ يُجِيبَا عَنّي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَتَكَلّمَا. قَالَتْ وَاَيْمُ اللهِ لَأَنَا كُنْت أَحْقَرُ فِي نَفْسِي، وَأَصْغَرُ شَأْنًا مِنْ أَنْ يُنَزّلَ اللهُ فِيّ قُرْآنًا يُقْرَأُ بِهِ فِي الْمَسَاجِدِ وَيُصَلّى بِهِ وَلَكِنّي قَدْ كُنْت أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَوْمِهِ شَيْئًا يُكَذّبُ بِهِ اللهُ عَنّي، لِمَا يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَتِي، أَوْ يُخْبَرَ خَبَرًا، فَأَمّا قُرْآنٌ يَنْزِلُ فِيّ فَوَاَللهِ لَنَفْسِي كَانَتْ أَحْقَرَ عِنْدِي مِنْ ذَلِكَ. قَالَتْ فَلَمّا لَمْ أَرَ أَبَوَيّ يَتَكَلّمَانِ قَالَتْ قُلْت لَهُمَا: أَلَا تُجِيبَانِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ فَقَالَا: وَاَللهِ مَا نَدْرِي بِمَاذَا نُجِيبُهُ قَالَتْ وَاَللهِ مَا أَعْلَمُ أَهْلَ بَيْتٍ دَخَلَ عَلَيْهِمْ مَا دَخَلَ عَلَى آلِ أَبِي بَكْرٍ فِي تِلْكَ الْأَيّامِ قَالَتْ فَلَمّا أَنْ اسْتَعْجَمَا عَلَيّ اسْتَعْبَرْت فَبَكَيْت، ثُمّ قُلْت: وَاَللهِ لَا أَتُوبُ إلَى اللهِ مِمّا ذَكَرْت أَبَدًا. وَاَللهِ إنّي لَأَعْلَمُ لَئِنْ أَقْرَرْت بِمَا يَقُولُ النّاسُ وَاَللهُ يَعْلَمُ أَنّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ لَأَقُولَنّ مَا لَمْ يَكُنْ وَلَئِنْ أَنَا أَنْكَرْت مَا يَقُولُونَ لَا تُصَدّقُونَنِي. قَالَتْ ثُمّ الْتَمَسْت اسْمَ يَعْقُوبَ فَمَا أَذْكُرُهُ فَقُلْت: وَلَكِنْ سَأَقُولُ كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يُوسُفُ ١٨] . قَالَتْ فَوَاَللهِ مَا بَرِحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجْلِسَهُ حَتّى تَغَشّاهُ مِنْ اللهِ مَا كَانَ يَتَغَشّاهُ فَسُجّيَ بِثَوْبِهِ وَوُضِعَتْ لَهُ
ــ
حَوْلَ بَرَاءَة عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا
وَفِي الْمُسْنَدِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنّهُ لَمّا أَنْزَلَ اللهُ بَرَاءَتَهَا قَامَ إلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَقَبّلَ رَأْسَهَا، فَقَالَتْ لَهُ هَلّا كُنْت عَذَرْتنِي، فَقَالَ أَيّ سَمَاءٍ تُظِلّنِي، وَأَيّ أَرْضٍ تُقِلّنِي، إنْ قُلْت بِمَا لَا أَعْلَمُ وَكَانَ نُزُولُ بَرَاءَةِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - بَعْدَ قُدُومِهِمْ الْمَدِينَةَ بِسَبْعِ وَثَلَاثِينَ لَيْلَةً فِي قَوْلِ بَعْضِ الْمُفَسّرِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute