مُهَذّبَةٌ قَدْ طَيّبَ اللهُ خِيمَهَا ... وَطَهّرَهَا مِنْ كُلّ سُوءٍ وَبَاطِلِ
فَإِنْ كُنْت قَدْ قُلْت الّذِي قَدْ زَعَمْتُمْ ... فَلَا رَفَعَتْ سَوْطِي إلَيّ أَنَامِلِي
وَكَيْفَ وَوُدّي مَا حَيِيت وَنُصْرَتِي ... لِآلِ رَسُولِ اللهِ زَيْنُ الْمَحَافِلِ
لَهُ رَتَبٌ عَالٍ عَلَى النّاسِ كُلّهِمْ ... تَقَاصَرُ عَنْهُ سَوْرَةُ الْمُتَطَاوِلِ
فَإِنّ الّذِي قَدْ قِيلَ لَيْسَ بِلَائِطِ ... وَلَكِنّهُ قَوْلُ امْرِئِ بِي مَاحِلِ
ــ
أَيْ اغْتِيَابِهِمْ وَضَرَبَ الْغَرْثَ مَثَلًا، وَهُوَ عَدَمُ الطّعْمِ وَخُلُوّ الْجَوْفِ وَفِي التّنْزِيلِ {أَيُحِبّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} [الْحُجُرَاتُ ١٢] ضَرَبَ الْمَثَلَ لِأَخْذِهِ فِي الْعِرْضِ بِأَكْلِ اللّحْمِ لِأَنّ اللّحْمَ سِتْرٌ عَلَى الْعَظْمِ وَالشّاتِمُ لِأَخِيهِ كَأَنّهُ يُقَشّرُ وَيَكْشِفُ مَا عَلَيْهِ مِنْ سِتْرٍ. وَقَالَ مَيْتًا، لِأَنّ الْمَيّتَ لَا يُحِسّ، وَكَذَلِكَ الْغَائِبُ لَا يَسْمَعُ مَا يَقُولُ فِيهِ الْمُغْتَابُ ثُمّ هُوَ فِي التّحْرِيمِ كَأَكْلِ لَحْمِ الْمَيّتِ. وَقَوْلُهُ مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ يُرِيدُ الْعَفَائِفَ الْغَافِلَةُ قُلُوبُهُنّ عَنْ الشّرّ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ {إِنّ الّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} [النّورُ ٢٣] جَعَلَهُنّ غَافِلَاتٍ لِأَنّ الّذِي رُمِينَ بِهِ مِنْ الشّرّ لَمْ يَهْمُمْنَ بِهِ قَطّ وَلَا خَطَرَ عَلَى قُلُوبِهِنّ فَهُنّ فِي غَفْلَةٍ عَنْهُ وَهَذَا أَبْلَغُ مَا يَكُونُ مِنْ الْوَصْفِ بِالْعَفَافِ. وَقَوْلُهُ
لَهُ رَتَبٌ عَالٍ عَلَى النّاسِ كُلّهِمْ
الرّتَبُ مَا ارْتَفَعَ مِنْ الْأَرْضِ وَعَلَا، وَالرّتَبُ أَيْضًا: قُوّةٌ فِي الشّيْءِ وَغِلَظٌ فِيهِ وَالسّوْرَةُ رُتْبَةٌ رَفِيعَةٌ مِنْ الشّرَفِ مَأْخُوذَةُ اللّفْظِ مِنْ سُورِ الْبِنَاءِ. وَقَوْلُهُ: فَإِنّ الّذِي قَدْ قِيلَ لَيْسَ بِلَائِطِ. أَيْ بِلَاصِقِ يُقَالُ مَا يَلِيطُ ذَلِكَ بِفُلَانِ أَيْ مَا يُلْصَقُ بِهِ وَمِنْهُ سُمّيَ الرّبَا: لِيَاطًا، لِأَنّهُ أُلْصِقَ بِالْبَيْعِ وَلَيْسَ بِبَيْعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute