أَمر الْهُدْنَة
إرْسَال قُرَيْش سهيلا إِلَى الرَّسُول للصلح:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: قَالَ الزّهْرِيّ:
"ثُمّ بَعَثَتْ قُرَيْشٌ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو، أَخَا بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيّ، إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا لَهُ ائْتِ مُحَمّدًا فَصَالِحْهُ وَلَا يَكُنْ فِي صُلْحِهِ إلّا أَنْ يَرْجِعَ عَنّا عَامَهُ هَذَا، فَوَاَللهِ لَا تُحَدّثُ الْعَرَبُ عَنّا أَنّهُ دَخَلَهَا عَلَيْنَا عَنْوَةً أَبَدًا. فَأَتَاهُ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو ; فَلَمّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْبِلًا، قَالَ قَدْ أَرَادَ الْقَوْمُ الصّلْحَ حِينَ بَعَثُوا هَذَا الرّجُلَ "فَلَمّا انْتَهَى سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلّمَ فَأَطَالَ الْكَلَامَ وَتَرَاجَعَا ثُمّ جَرَى بَيْنَهُمَا الصُّلْح.
عمر يُنكر على الرَّسُول الصّلْحُ:
فَلَمّا الْتَأَمَ الْأَمْرُ وَلَمْ يَبْقَ إلّا الْكِتَابُ وَثَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ، فَأَتَى أَبَا بَكْر فَقَالَ "يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَيْسَ بِرَسُولِ اللهِ؟ قَالَ بَلَى. قَالَ أَوَلَسْنَا بِالْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ بَلَى، قَالَ أَوَلَيْسُوا بِالْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ بَلَى، قَالَ فَعَلَامَ نُعْطِيَ الدّنِيّةَ فِي دِينِنَا؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا عُمَرُ الْزَمْ غَرْزَهُ فَإِنّي أَشْهَدُ أَنّهُ رَسُولُ اللهِ قَالَ عُمَرُ وَأَنَا أَشْهَدُ أَنّهُ
ــ
حَوْلَ الْمُصَالَحَةِ
فَصْلٌ: وَذَكَرَ مُصَالَحَةَ النّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقُرَيْشِ وَشَرْطَهُمْ أَنْ لَا يَأْتِيَهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ مِمّنْ هُوَ عَلَى دِينِهِ إلّا رَدّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُصَالَحَةُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى غَيْرِ مَالٍ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ وَذَلِكَ جَائِزٌ إذَا كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ ضَعْفٌ وَقَدْ تَقَدّمَ مُصَالَحَتُهُمْ عَلَى مَالٍ يُعْطُونَهُ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ، وَاخْتُلِفَ هَلْ يَجُوزُ صُلْحُهُمْ إلَى أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ ذَلِكَ إذَا رَآهُ الْإِمَامُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا يَتَجَاوَزُ فِي صُلْحِهِمْ إلَى أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ وَحُجّتُهُمْ أَنّ حَظْرَ الصّلْحِ هُوَ الْأَصْلُ بِدَلِيلِ آيَةِ الْقِتَالِ وَقَدْ وَرَدَ التّحْدِيدُ بِالْعَشْرِ فِي حَدِيثِ ابْنِ إسْحَاقَ فَحَصَلَتْ الْإِبَاحَةُ فِي هَذَا الْمِقْدَارِ مُتَحَقّقَةً وَبَقِيَتْ الزّيَادَةُ عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْحَظْرُ وَفِيهِ الصّلْحُ عَلَى أَنْ يُرَدّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute