. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عَمْرِي لَقَدْ نَصَحَ الزّمَانُ وَإِنّهُ ... لَمِنْ الْعَجَائِبِ نَاصِحٌ لَا يُشْفَقُ
وَقَوْلُهُ: أَسْرَعَتْ قِلْقَالًا بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِهَا، وَكَقَوْلِ الْآخَرِ "وَقَلْقَلَ يَبْغِي الْعِزّ كُلّ مُقَلْقَلٍ" وَهِيَ شِدّةُ الْحَرَكَةِ.
وَقَوْلُهُ: "يَرْمُونَ عَنْ شُدُفٍ كَأَنّهَا غُبُطٌ" الشّدَفُ الشّخْصُ وَيُجْمَعُ عَلَى شُدُفٍ وَلَمْ يُرِدْ هَهُنَا إلّا الْقِسِيّ وَلَيْسَ شُدُفٌ جَمْعًا لِشَدَفٍ وَإِنّمَا هُوَ جَمْعُ شَدُوفٌ وَهُوَ النّشِيطُ الْمَرِحُ يُقَالُ شَدِفَ فَهُوَ شَدِفٌ ثُمّ تَقُولُ شَدُوفٌ كَمَا تَقُولُ مَرُوحٌ وَقَدْ يُسْتَعَارُ الْمَرَحُ وَالنّشَاطُ لِلْقِسِيّ لِحُسْنِ تَأَتّيهَا وَجَوْدَةِ رَمْيِهَا وَإِصَابَتِهَا، وَإِنّمَا احْتَجْنَا إلَى هَذَا التّأْوِيلِ لِأَنّ فَعَلًا لَا يُجْمَعُ عَلَى فُعُلٍ إلّا وَثَنٌ وَوُثُنٌ فَإِنْ قُلْت: فَيُجْمَعُ عَلَى فُعُولٍ مِثْلُ أُسُودٍ فَتَقُولُ شَدُوفٌ ثُمّ تَجْمَعُ الْجَمْعَ فَتَقُولُ شُدُفٌ قُلْنَا: الْجَمْعُ الْكَثِيرُ لَا يُجْمَعُ وَإِنّمَا يُجْمَعُ مِنْهُ أَبْنِيَةُ الْقَلِيلِ. نَحْوَ أَفْعَالٍ وَأَفْعُلٍ وَأَفْعِلَةٍ وَأَشْبَهُ مَا يُقَالُ فِي هَذَا الْبَيْتِ إنّهُ جَمْعٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ هَذَا إنْ كَانَ الشّدُفُ الْقِسِيّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمَعَ شَدَفًا عَلَى شُدْفٍ مِثْلُ أَسَدٍ وَأُسْدٍ، ثُمّ حَرّكَ الدّالَ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ الْمَرِحَ مِنْ الْخَيْلِ كَمَا تَقَدّمَ. وَجَعَلَهَا كَالْغُبُطِ لِإِشْرَافِ ظُهُورِهَا وَعُلُوّهَا.
وَقَوْلُهُ يَرْمُونَ عَنْ شُدُفٍ أَيْ يَدْفَعُونَ عَنْهَا بِالرّمْيِ وَيَكُونُ الزّمْخَرُ الْقَسِيّ، أَوْ النّبْلُ. وَالْغُبُطُ الْهَوَادِجُ وَالزّمْخَرُ الْقَصَبُ الْفَارِسِيّ.
وَقَوْلُهُ: فِي رَأْسِ غُمْدَانَ. ذَكَرَ ابْنُ هِشَامٍ أَنّ غُمْدَانَ أَسّسَهُ يَعْرُبُ بْنُ قَحْطَانَ وَأَكْمَلَهُ بَعْدَهُ وَاحْتَلّهُ وَائِلُ بْنُ حِمْيَرَ بْنِ سَبَأٍ، وَكَانَ مَلِكًا مُتَوّجًا كَأَبِيهِ وَجَدّهِ.
وَقَوْلُهُ: شَالَتْ نَعَامَتُهُمْ، أَيْ: هَلَكُوا، وَالنّعَامَةُ: بَاطِنُ الْقَدَمِ وَشَالَتْ ارْتَفَعَتْ وَمَنْ هَلَكَ ارْتَفَعَتْ رِجْلَاهُ وَانْتَكَسَ رَأْسُهُ فَظَهَرَتْ نَعَامَةُ قَدَمِهِ تَقُولُ الْعَرَبُ: تَنَعّمْت إذَا مَشَيْت حَافِيًا، قَالَ الشّاعِرُ:
تَنَعّمْت لَمّا جَاءَنِي سُوءُ فِعْلِهِمْ ... أَلَا إنّمَا الْبَأْسَاءُ لِلْمُتَنَعّمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute