للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نحر الرَّسُول وَحلق فاقتدى بِهِ النَّاس:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ:

وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضْطَرِبًا فِي الْحِلّ وَكَانَ يُصَلّي فِي الْحَرَمِ، فَلَمّا فَرَغَ مِنْ الصّلْحِ قَدِمَ إلَى هَدْيِهِ فَنَحَرَهُ ثُمّ جَلَسَ فَحَلَقَ رَأْسَهُ وَكَانَ الّذِي حَلَقَهُ فِيمَا بَلَغَنِي، فِي

ــ

شَكَكْت مُنْذُ أَسْلَمْت إلّا تِلْكَ السّاعَةَ وَفِي هَذَا أَنّ الْمُؤْمِنَ قَدْ يَشُكّ، ثُمّ يُجَدّدُ النّظَرَ فِي دَلَائِلِ الْحَقّ فَيَذْهَبُ شَكّهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ أَنّهُ قَالَ هُوَ شَيْءٌ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ أَحَدٌ، ثُمّ ذَكَرَ ابْنُ عَبّاسٍ قَوْلَ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنّ قَلْبِي} [الْبَقَرَةُ ٢٦٠] وَلَوْلَا الْخُرُوجُ عَمّا صَمَدْنَا إلَيْهِ فِي هَذَا الْكِتَابِ لَذَكَرْنَا مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي قَوْلِ إبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنّ قَلْبِي} وَذَكَرْنَا النّكْتَةَ الْعُظْمَى فِي ذَلِكَ وَلَعَلّنَا أَنْ نَلْقَى لَهَا مَوْضِعًا، فَنَذْكُرَهَا. وَالشّكّ الّذِي ذَكَرَهُ عُمَرُ وَابْنُ عَبّاسٍ مَا لَا يُصِرّ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ وَإِنّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْوَسْوَسَةِ الّتِي قَالَ فِيهَا عَلَيْهِ السّلَامُ مُخْبِرًا عَنْ إبْلِيسَ " الْحَمْدُ لِلّهِ الّذِي رَدّ كَيْدَهُ إلَى الْوَسْوَسَةِ "

مَوْقِفُ أُمّ سَلَمَةَ فِي الْحُدَيْبِيَةِ:

وَفِي غَيْرِ رِوَايَةِ ابْنِ إسْحَاقَ مِنْ الصّحِيحِ أَنّهُ عَلَيْهِ السّلَامُ دَخَلَ عَلَى أُمّ سَلَمَةَ وَشَكَا إلَيْهَا مَا لَقِيَ مِنْ النّاسِ حِينَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحْلِقُوا وَيَنْحَرُوا، فَلَمْ يَفْعَلُوا لِمَا بِهِمْ مِنْ الْغَيْظِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللهِ اُخْرُجْ إلَيْهِمْ فَلَا تُكَلّمْهُمْ حَتّى تَحْلِقَ وَتَنْحَرَ فَإِنّهُمْ إذَا رَأَوْك قَدْ فَعَلْت ذَلِكَ لَمْ يُخَالِفُوك. فَفَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَعَلَ النّاسُ وَكَانَ الّذِي حَلَقَ رَأْسَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ خِرَاشَ بْنَ أُمَيّةَ [بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ مُنْقِذِ بْنِ عَفِيفِ بْنِ كُلَيْبِ بْنِ حُبْشِيّةَ ابْنُ سَلُولَ] الْخُزَاعِيّ [ثُمّ الْكَلْبِيّ] وَهُوَ الّذِي كَانَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ إِلَى مَكّةَ فَعَقَرُوا جَمَلَهُ وَأَرَادُوا قَتْلَهُ فَحِينَئِذٍ بَعَثَ

<<  <  ج: ص:  >  >>