ارتجاز ابْن الْأَكْوَع وَدُعَاء الرَّسُول لَهُ واستشهاده:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التّيْمِيّ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ نَصْرِ بْنِ دَهْرٍ الْأَسْلَمِيّ أَنّ أَبَاهُ حَدّثَهُ:
أَنّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فِي مَسِيرِهِ إلَى خَيْبَرَ لِعَامِرِ بْنِ الْأَكْوَعِ وَهُوَ عَمّ سَلَمَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَكْوَعِ، وَكَانَ اسْمُ الْأَكْوَعِ سِنَانٌ انْزِلْ يَا ابْنَ الْأَكْوَعِ فَخُذْ لَنَا مِنْ هَنَاتِك، قَالَ فَنَزَلَ يَرْتَجِزُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ
وَاَللهِ لَوْلَا اللهُ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلَا تَصَدّقْنَا وَلَا صَلّيْنَا
ــ
شَرْحُ هَنَةٍ وَالْحُدَاءِ:
وَذَكَرَ ابْنُ إسْحَاقَ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السّلَامُ لِسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ خُذْ لَنَا مِنْ هَنَاتِك. الْهَنَةُ كِنَايَةٌ عَنْ كُلّ شَيْءٍ لَا تَعْرِفُ اسْمَهُ أَوْ تَعْرِفُهُ فَتُكَنّي عَنْهُ وَأَصْلُ الْهَنَةِ هَنْهَةٌ وَهَنْوَةٌ. قَالَ الشّاعِرُ
[أَرَى ابْنَ نَزَارٍ قَدْ جَفَانِي وَقَلّنِي] ... عَلَى هَنَوَاتٍ شَأْنُهَا مُتَتَابِعُ
وَفِي الْبُخَارِيّ: أَنّ رَجُلًا قَالَ لِابْنِ الْأَكْوَعِ أَلَا تَنْزِلُ فَتُسْمِعَنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ صَغّرَهُ بِالْهَاءِ وَلَوْ صَغّرَهُ عَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ هَنَوَاتٍ لَقَالَ هُنَيّاتِك، وَإِنّمَا أَرَادَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَحْدُوَ بِهِمْ وَالْإِبِلُ تُسْتَحَثّ بِالْحِدَاءِ وَلَا يَكُونُ الْحِدَاءُ إلّا بِشِعْرِ أَوْ رَجَزٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَوّلَ مَنْ سَنّ حُدَاءَ الْإِبِلِ وَهُوَ مُضَرُ بْنُ نَزَارٍ، وَالرّجَزُ شِعْرٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيضًا، وَقَدْ قِيلَ لَيْسَ بِشِعْرِ وَإِنّمَا هِيَ أَشْطَارُ أَبْيَاتٍ وَإِنّمَا الرّجَزُ الّذِي هُوَ شِعْرٌ سُدَاسِيّ الْأَجْزَاءِ نَحْوَ مَقْصُورَةِ ابْنِ دُرَيْدٍ أَوْ رُبَاعِيّ الْأَجْزَاءِ نَحْوَ قَوْلِ الشّاعِرِ
يَا مُرّ يَا خَيْرَ أَخ ... نَازَعْت دَرّ الْحَلْمَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute