للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكاء ابْن رَوَاحَة مَخَافَة النَّار وشعره للرسول

فَتَجَهّزَ النّاسُ ثُمّ تَهَيّئُوا لِلْخُرُوجِ وَهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ فَلَمّا حَضَرَ خُرُوجُهُمْ وَدّعَ النّاسُ أُمَرَاءَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلّمُوا عَلَيْهِمْ. فَلَمّا وَدّعَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ مَنْ وَدّعَ مِنْ أُمَرَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَكَى، فَقَالُوا: مَا يُبْكِيك يَا ابْنَ رَوَاحَةَ؟ فَقَالَ أَمَا وَاَللهِ مَا بِي حُبّ الدّنْيَا وَلَا صَبَابَةٌ بِكُمْ وَلَكِنّي سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزّ وَجَلّ يَذْكُرُ فِيهَا النّارَ {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبّكَ حَتْمًا مَقْضِيّا} [مَرْيَمَ: ٧١] ، فَلَسْت أَدْرِي كَيْفَ لِي بِالصّدَرِ بَعْدَ الْوُرُودِ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ صَحِبَكُمْ اللهُ وَدَفَعَ عَنْكُمْ وَرَدّكُمْ إلَيْنَا صَالِحِينَ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ:

لَكِنّنِي أَسْأَلُ الرّحْمَنَ مَغْفِرَةً ... وَضَرْبَةً ذَاتَ فَرْغٍ تَقْذِفُ الزّبَدَا

أَوْ طَعْنَةً بِيَدَيْ حَرّانَ مُجْهِزَةً ... بِحِرْبَةِ تُنْفِذُ الْأَحْشَاءَ وَالْكَبِدَا

حَتّى يُقَالَ إذَا مَرّوا عَلَى جَدَثِي ... أَرْشَدَهُ اللهُ مِنْ غَازٍ وَقَدْ رَشَدَا

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ:

ثُمّ إنّ الْقَوْمَ تَهَيّئُوا لِلْخُرُوجِ فَأَتَى عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَدّعَهُ ثُمّ قَالَ

ــ

تَفْسِيرُ {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلّا وَارِدُهَا}

ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ قَوْلَ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ حِينَ ذَكَرَ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلّا وَارِدُهَا} [مَرْيَمَ: ٧١] فَلَسْت أَدْرِي كَيْفَ لِي بِالصّدَرِ بَعْدَ الْوُرُودِ وَقَدْ تَكَلّمَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا بِأَقْوَالِ مِنْهَا أَنّ الْخِطَابَ مُتَوَجّهٌ إلَى الْكُفّارِ عَلَى الْخُصُوصِ وَاحْتَجّ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِقِرَاءَةِ ابْنِ عَبّاسٍ: وَإِنْ مِنْهُمْ إلّا وَارِدُهَا، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ الْوُرُودُ هَهُنَا هُوَ الْإِشْرَافُ عَلَيْهَا وَمُعَايَنَتُهَا، وَحَكَوْا عَنْ الْعَرَبِ: وَرَدْت

<<  <  ج: ص:  >  >>