للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاحْتَضَنَهُ بِعَضُدَيْهِ حَتّى قُتِلَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً فَأَثَابَهُ اللهُ بِذَلِكَ جَنَاحَيْنِ فِي الْجَنّةِ يَطِيرُ بِهِمَا حَيْثُ شَاءَ. وَيُقَالُ إنّ رَجُلًا مِنْ الرّومِ ضَرَبَهُ يَوْمَئِذٍ ضَرْبَةً فَقَطعه نِصْفَيْنِ.

ــ

كُنْت إذَا سَأَلْت عَلِيّا حَاجَةً فَمَنَعَنِي أُقْسِمُ عَلَيْهِ بِحَقّ جَعْفَرٍ فَيُعْطِينِي"

مَعْنَى الْجَنَاحَيْنِ

وَمِمّا يَنْبَغِي الْوُقُوفُ عَلَيْهِ فِي مَعْنَى الْجَنَاحَيْنِ أَنّهُمَا لَيْسَا كَمَا يَسْبِقُ إلَى الْوَهْمِ عَلَى مِثْلِ جَنَاحَيْ الطّائِرِ وَرِيشِهِ لِأَنّ الصّورَةَ الْآدَمِيّةَ أَشْرَفُ الصّوَرِ وَأَكْمَلُهَا، وَفِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السّلَامُ" إنّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ " تَشْرِيفٌ لَهُ عَظِيمٌ وَحَاشَا لِلّهِ مِنْ التّشْبِيهِ وَالتّمْثِيلِ وَلَكِنّهَا عِبَارَة عَنْ صِفَةٍ مَلَكِيّةٍ وَقُوّةٍ رُوحَانِيّةٍ أُعْطِيَهَا جَعْفَرٌ كَمَا أُعْطِيَتْهَا الْمَلَائِكَةُ وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى لِمُوسَى: {وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ} [طَه: ٢٢] فَعَبّرَ عَنْ الْعَضُدِ بِالْجَنَاحِ تَوَسّعًا، وَلَيْسَ ثَمّ طَيَرَانٌ فَكَيْفَ بِمَنْ أُعْطِيَ الْقُوّةَ عَلَى الطّيَرَانِ مَعَ الْمَلَائِكَةِ أَخْلِقْ بِهِ إِذا: أَنْ يُوصَفَ بِالْجَنَاحِ مَعَ كَمَالِ الصّورَةِ الْآدَمِيّةِ وَتَمَامِ الْجَوَارِحِ الْبَشَرِيّةِ وَقَدْ قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَجْنِحَةِ الْمَلَائِكَةِ لَيْسَتْ كَمَا يُتَوَهّمُ مِنْ أَجْنِحَةِ الطّيْرِ وَلَكِنّهَا صِفَاتٌ مَلَكِيّةٌ لَا تُفْهَمُ إلّا بِالْمُعَايَنَةِ وَاحْتَجّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [فَاطِرِ ١] فَكَيْفَ تَكُونُ كَأَجْنِحَةِ الطّيْرِ عَلَى هَذَا، وَلَمْ يُرَ طَائِرٌ لَهُ ثَلَاثَةُ أَجْنِحَةٍ وَلَا أَرْبَعَةٌ فَكَيْفَ بِسِتّمِائَةِ جَنَاحٍ كَمَا جَاءَ فِي صِفَةِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السّلَامُ، فَدَلّ عَلَى أَنّهَا صِفَاتٌ لَا تَنْضَبِطُ كَيْفِيّتُهَا لِلْفِكْرِ وَلَا وَرَدَ أَيْضًا فِي بَيَانِهَا، خَبَرٌ فَيَجِبُ عَلَيْنَا الْإِيمَانُ بِهَا، وَلَا يُفِيدُنَا عِلْمًا إعْمَالُ الْفِكْرِ فِي كَيْفِيّتِهَا، وَكُلّ امْرِئِ قَرِيبٌ مِنْ مُعَايَنَةِ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>