للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ قَالَ فِيمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ النّاسِ وَأَمْرِ خَالِدٍ وَمُخَاشَاتِهِ بِالنّاسِ وَانْصِرَافِهِ بِهِمْ قَيْسُ بْنُ الْمُسَحّرِ الْيَعْمُرِيّ، يَعْتَذِرُ مِمّا صَنَعَ يَوْمَئِذٍ وَصَنَعَ النّاسُ

فَوَاَللهِ لَا تَنْفَكّ نَفْسِي تَلُومُنِي ... عَلَى مَوْقِفِي وَالْخَيْلُ قَابِعَةٌ قُبْلُ

وَقَفْت بِهَا لَا مُسْتَجِيرًا فَنَافِذًا ... وَلَا مَانِعًا مَنْ كَانَ حُمّ لَهُ الْقَتْلُ

عَلَى أَنّنِي آسَيْت نَفْسِي بِخَالِدِ ... أَلَا خَالِدٌ فِي الْقَوْمِ لَيْسَ لَهُ مِثْلُ

وَجَاشَتْ إلَيّ النّفْسُ مِنْ نَحْوِ جَعْفَرٍ ... بِمُؤْتَةِ إذْ لَا يَنْفَعُ النّابِلَ النّبْلُ

وَضَمّ إلَيْنَا حَجْزَتَيْهِمْ كِلَيْهِمَا ... مُهَاجِرَةٌ لَا مُشْرِكُونَ وَلَا عُزْلُ

فَبَيّنَ قَيْسٌ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ النّاسُ مِنْ ذَلِكَ فِي شِعْرِهِ أَنّ الْقَوْمَ حَاجَزُوا وَكَرِهُوا الْمَوْتَ وَحَقّقَ انْحِيَازَ خَالِدٍ بِمَنْ مَعَهُ.

ــ

وَذَكَرَ ابْنُ إسْحَاقَ مُخَاشَاةَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ بِالنّاسِ يَوْمَ مُؤْتَة. وَالْمُخَاشَاةُ الْمُحَاجَزَةُ وَهِيَ مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْخَشْيَةِ لِأَنّهُ خَشِيَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِقِلّةِ عَدَدِهِمْ فَقَدْ قِيلَ كَانَ الْعَدُوّ مِائَتَيْ أَلْفٍ مِنْ الرّومِ، وَخَمْسِينَ أَلْفًا مِنْ الْعَرَبِ، وَمَعَهُمْ مِنْ الْخُيُولِ وَالسّلَاحِ مَا لَيْسَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَفِي قَوْلِ ابْنِ إسْحَاقَ: وَكَانَ الْعَدُوّ مِائَةَ أَلْفٍ وَخَمْسِينَ أَلْفًا، وَقَدْ قِيلَ إنّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَبْلُغْ عَدَدُهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَمَنْ رَوَاهُ حَاشَى بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَهُوَ مِنْ الْحَشَى، وَهِيَ النّاحِيَةُ وَفِي رِوَايَةِ قَاسِمِ بْنِ أَصْبُغَ عَنْ ابْنِ قُتَيْبَةَ فِي الْمَعَارِفِ أَنّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ حَاشَى بِهِمْ فَقَالَ مَعْنَاهُ انْحَازَ بِهِمْ وَشِعْرُ قُطْبَةَ بْنِ قَتَادَةَ يَدُلّ عَلَى أَنّهُ قَدْ كَانَ ثَمّ ظَفَرٌ وَمَغْنَمٌ لِقَوْلِهِ

وَسُقْنَا نِسَاءَ بَنِي عَمّهِ ... غَدَاةَ رَقُوقَيْنَ سَوْقَ النّعَمْ

وَفِي هَذَا الشّعْرِ أَنّهُ قَتَلَ رَئِيسًا مِنْهُمْ وَهُوَ مَالِكُ بْنُ رَافِلَةَ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ إسْحَاقَ، فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخَذَ خَالِدٌ الرّايَةَ حَتّى فَتَحَ اللهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَأَخْبَرَ أَنّهُ قَدْ كَانَ ثَمّ فَتْحٌ وَفِي الرّايَةِ الْأُخْرَى حِينَ قِيلَ لَهُمْ يَا فُرّارُ

<<  <  ج: ص:  >  >>