للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بْنُ عَلِيّ غُلَامٌ يَدِبّ بَيْنَ يَدَيْهَا، فَقَالَ يَا عَلِيّ، إنّك أَمَسّ الْقَوْمِ بِي رَحِمًا، وَإِنّي قَدْ جِئْت فِي حَاجَةٍ فَلَا أَرْجِعَن كَمَا جِئْت خَائِبًا، فَاشْفَعْ لِي إلَى رَسُولِ اللهِ فَقَالَ وَيْحَك يَا أَبَا سُفْيَانَ وَاَللهِ لَقَدْ عَزَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَمْرٍ مَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نُكَلّمَهُ فِيهِ. فَالْتَفَتَ إلَى فَاطِمَةَ فَقَالَ يَا ابْنَةَ مُحَمّدٍ، هَلْ لَك أَنْ تَأْمُرِي بُنَيّك هَذَا فَيُجِيرَ بَيْنَ النّاسِ فَيَكُونَ سَيّدَ الْعَرَبِ إلَى آخِرِ الدّهْرِ؟ قَالَتْ وَاَللهِ مَا بَلَغَ بُنَيّ ذَاكَ أَنْ يُجِيرَ بَيْنَ النّاسِ وَمَا يُجِيرُ أَحَدٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا أَبَا الْحَسَنِ إنّي أَرَى الْأُمُورَ قَدْ اشْتَدّتْ عَلَيّ فَانْصَحْنِي ; قَالَ وَاَللهِ مَا أَعْلَمُ لَك شَيْئًا يُغْنِي عَنْك شَيْئًا، وَلَكِنّك سَيّدُ بَنِي كِنَانَةَ فَقُمْ فَأَجِرْ بَيْنَ النّاسِ ثُمّ الْحَقْ بِأَرْضِك ; قَالَ أَوَ تَرَى ذَلِكَ مُغْنِيًا عَنّي شَيْئًا؟ قَالَ لَا وَاَللهِ مَا أَظُنّهُ وَلَكِنّي لَا أَجِدُ لَك غَيْرَ ذَلِكَ. فَقَامَ أَبُو سُفْيَانَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ أَيّهَا النّاسُ إنّي قَدْ أَجَرْت بَيْنَ النّاسِ. ثُمّ رَكِبَ بَعِيرَهُ فَانْطَلَقَ فَلَمّا قَدِمَ عَلَى قُرَيْشٍ، قَالُوا: مَا وَرَاءَك؟ قَالَ جِئْت مُحَمّدًا فَكَلّمْته، فَوَاَللهِ مَا رَدّ عَلَيّ شَيْئًا، ثُمّ جِئْت ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ خَيْرًا، ثُمّ جِئْت ابْنَ الْخطاب فَوَجَدته أدنى الْعَدُوّ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَعْدَى الْعَدُوّ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ:

ثُمّ جِئْت عَلِيّا فَوَجَدْته أَلْيَنَ الْقَوْمِ وَقَدْ أَشَارَ عَلَيّ بِشَيْءِ صَنَعْته، فَوَاَللهِ مَا أَدْرِي

ــ

هَذَا مُحْتَجّا بِهِ عَلَى مَنْ أَجَازَ أَمَانَ الصّبِيّ وَجِوَارَهُ وَمَنْ أَجَازَ جِوَارَ الصّبِيّ إنّمَا أَجَازَهُ إذَا عَقَلَ الصّبِيّ، وَكَانَ كَالْمُرَاهِقِ.

وَقَوْلُهَا: وَلَا يُجِيرُ أَحَدٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السّلَامُ " يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُم "، فَمَعْنَى هَذَا - وَاَللهُ أَعْلَمُ - كَالْعَبْدِ وَنَحْوِهِ يَجُوزُ جِوَارُهُ فِيمَا قَلّ مِثْلَ أَنْ يُجِيرَ وَاحِدًا مِنْ الْعَدُوّ أَوْ نَفَرًا يَسِيرًا، وَأَمّا أَنْ يُجِيرَ عَلَى الْإِمَامِ قَوْمًا يُرِيدُ الْإِمَامُ غَزْوَهُمْ وَحَرْبَهُمْ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَلَى الْإِمَامِ وَهَذَا هُوَ الّذِي أَرَادَتْ فَاطِمَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - وَاَللهُ أَعْلَمُ وَأَمّا جِوَارُ الْمَرْأَةِ وَتَأْمِينُهَا فَجَائِزٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْفُقَهَاءِ إلّا سَحْنُونٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ فَإِنّهُمَا قَالَا: هُوَ مَوْقُوفٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>