للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَقْفَرَ الْحَضْرُ مِنْ نَضِيرَةَ فَالْمِ ... رْبَاعُ مِنْهَا فَجَانِبُ الثّرْثَارِ

وَكَانَتْ سُنّتُهُمْ فِي الْجَارِيَةِ إذَا عَرَكَتْ أَيْ حَاضَتْ أَخَرَجُوهَا إلَى رَبَضِ الْمَدِينَةِ، فَعَرَكَتْ النّضِيرَةُ فَأُخْرِجَتْ إلَى رَبَضِ الْحَضْرِ١ فَأَشْرَفَتْ ذَاتَ يَوْمٍ فَأَبْصَرَتْ سَابُورَ - وَكَانَ مِنْ أَجْمَلِ النّاسِ - فَهَوِيَتْهُ فَأَرْسَلَتْ إلَيْهِ أَنْ يَتَزَوّجَهَا، وَتَفْتَحَ لَهُ الْحَضْرَ وَاشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ وَالْتَزَمَ لَهَا مَا أَرَادَتْ ثُمّ اُخْتُلِفَ فِي السّبَبِ الّذِي دَلّتْ عَلَيْهِ فَقَالَ ابْنُ إسْحَاقَ مَا فِي الْكِتَابِ وَقَالَ الْمَسْعُودِيّ: دَلّتْهُ عَلَى نَهَرٍ وَاسِعٍ [اسْمُهُ الثّرْثَارُ] كَانَ يَدْخُلُ مِنْهُ الْمَاءُ إلَى الْحَضْرِ فَقَطَعَ لَهُمْ الْمَاءَ وَدَخَلُوا مِنْهُ٢.

وَقَالَ الطّبَرِيّ: دَلّتْهُ عَلَى طِلَسْمٍ [أَوْ طِلّسْمٍ] كَانَ فِي الْحَضْرِ وَكَانَ فِي عِلْمِهِمْ أَنّهُ لَا يُفْتَحُ حَتّى تُؤْخَذَ حَمَامَةٌ وَرْقَاءُ وَتُخْضَبُ رِجْلَاهَا بِحَيْضِ جَارِيَةٍ بِكْرٍ زَرْقَاءَ ثُمّ تُرْسَلُ الْحَمَامَةُ فَتَنْزِلُ عَلَى سُورِ الْحَضْرِ فَيَقَعُ الطّلّسْمُ فَيُفْتَحُ الْحَضْرُ فَفَعَلَ سَابُورُ ذَلِكَ فَاسْتَبَاحَ الْحَضْرَ وَأَبَادَ قَبَائِلَ مِنْ قُضَاعَةَ كَانُوا فِيهِ مِنْهُمْ بَنُو عُبَيْدٍ رَهْطُ الضّيْزَنِ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ عَقِبٌ وَحَرَقَ خَزَائِنَ الضّيْزَنِ وَاكْتَسَحَ مَا فِيهَا، ثُمّ قَفَلَ بِنَضِيرَةَ مَعَهُ وَذَكَرَ الطّبَرِيّ فِي قَتْلِهِ إيّاهَا حِين تَمَلْمَلَتْ عَلَى الْفِرَاشِ الْوَثِيرِ وَلِينِ الْحَرِيرِ أَنّهُ قَالَ لَهَا: مَا كَانَ يَصْنَعُ بِك أَبُوك؟ فَقَالَتْ كَانَ يُطْعِمُنِي الْمُخّ وَالزّبْدَ وَشَهْدُ أَبْكَارَ النّحْلِ وَصَفْوَ الْخَمْرِ. وَذَكَرَ أَنّهُ كَانَ يَرَى مُخّهَا مِنْ صَفَاءِ بَشَرَتِهَا، وَأَنّ وَرَقَةَ الْآسَ أَدْمَتْهَا فِي عُكْنَةٍ مِنْ عُكَنِهَا، وَأَنّ الْفِرَاشَ الّذِي نَامَتْ عَلَيْهِ كَانَ مِنْ حَرِيرٍ حَشْوُهُ الْقَزّ. وَقَالَ الْمَسْعُودِيّ: كَانَ حَشْوُهُ زَغَبِ٣ الطّيْرِ ثُمّ اتّفَقُوا فِي صُورَةِ قَتْلِهَا٤ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ إسْحَاقَ غَيْرَ أَنّ ابْنَ إسْحَاقَ قَالَ كَانَ الْمُسْتَبِيحُ لِلْحَضْرِ سَابُورُ


١ ربض الْمَدِينَة: مَا حولهَا.
٢ انْظُر"المروج" ٢/٢٥٦.
٣ وَهُوَ الشعيرات الصفر على ريش الفرخ.
٤ ربط غدائرها إِلَى فرسين جموحين، ثمَّ استركضهما فقطعاها.

<<  <  ج: ص:  >  >>