. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لَمْ يَهَبْهُ رَيْبُ الْمَنُونِ فَبَا ... نَ الْمُلْكُ عَنْهُ فَبَابُهُ مَهْجُورُ
وَتَذَكّرْ رَبّ الْخَوَرْنَقِ إذْ ... أَشْرَفَ يَوْمًا، وَلِلْهُدَى تَفْكِيرُ
سَرّهُ مَالُهُ وَكَثْرَةُ مَا يَمْلِكُ ... وَالْبَحْرُ مُعْرِضًا وَالسّدِيرُ
فَارْعَوَى قَلْبُهُ وَقَالَ وَمَا غِبْطَةُ ... حَيّ إلَى الْمَمَاتِ يَصِيرُ؟
ثُمّ أَضْحَوْا كَأَنّهُمْ وَرَقٌ جَفّ ... فَأَلَوْت بِهِ الصّبَا وَالدّبُورُ
ثُمّ بَعْدَ الْفَلَاحِ وَالْمُلْكِ ... وَالْإِمّةِ وَارَتْهُمْ هُنَاكَ الْقُبُورُ١
قَالَ فَبَكَى [وَاَللهِ] هِشَامٌ حَتّى أَخْضَلَ لِحْيَتَهُ وَبَلّ عِمَامَتَهُ وَأَمَرَ بِنَزْعِ أَبْنِيَتِهِ وَبِنُقْلَانِ قَرَابَتِهِ وَأَهْلِهِ وَحَشَمِهِ وَغَاشِيَتِهِ مِنْ جُلَسَائِهِ وَلَزِمَ قَصْرَهُ.
قَالَ فَأَقْبَلَتْ الْمَوَالِي وَالْحَشَمُ عَلَى خَالِدِ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ الْأَهْتَمِ وَقَالُوا: مَا أَرَدْت إلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ؟ أَفْسَدْت عَلَيْهِ لَذّتَهُ وَنَغّصْت عَلَيْهِ مَأْدُبَتَهُ. قَالَ إلَيْكُمْ عَنّي فَإِنّي عَاهَدْت اللهَ [عَزّ وَجَلّ] عَهْدًا أَلّا أَخْلُوَ بِمَلِكِ إلّا ذَكّرْته اللهَ عَزّ وَجَلّ.
وَاَلّذِي ذَكَرَهُ عَدِيّ بْنُ زَيْدٍ فِي هَذَا الشّعْرِ هُوَ النّعْمَانُ بْنُ امْرِئِ الْقَيْسِ جَدّ النّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، وَأَوّلُ هَذَا الشّعْرِ:
أَرْوَاحٌ مُوَدّعٌ أَمْ بُكُورُ ... [لَك] فَانْظُرْ لِأَيّ ذَاكَ تَصِيرُ
قَالَهُ عَدِيّ، وَهُوَ فِي سِجْنِ النّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، وَفِيهِ قُتِلَ وَهُوَ عَدِيّ بْنُ زَيْدِ بْنِ حَمّادِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَيّوبَ بْنِ مَحْرُوبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عُصَيّةَ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ آلَةَ بْنِ الْخَنْسَاءِ:
١ المرمر: الرخام. والكلس: الجير أَو مَادَّة لطلاء الْقُصُور. ومعرض: أعرض الشَّيْء ظهر وأبرز. ارعوى: كف وارتدع. وألوى بِهِ: ذهب بِهِ. الصِّبَا: ريح مهبها من مشرق الشَّمْس. الدبور: ريح تهب من الْمغرب إِلَى الْمشرق. والإمة: النِّعْمَة.