للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا بَالُ عَيْنِك فِيهَا عَائِرٌ سَهَرٌ ... مِثْلُ الْحَمَاطَةِ أَغْضَى فَوْقَهَا الشّفُرُ

عَيْنٌ تَأَوّبَهَا مِنْ شَجْوِهَا أَرَقٌ ... فَالْمَاءُ يَغْمُرُهَا طَوْرًا وَيَنْحَدِرُ

كَأَنّهُ نَظْمُ دُرّ عِنْدَ نَاظِمَةٍ ... تَقَطّعَ السّلْكُ مِنْهُ فَهُوَ مُنْتَثِرُ

يَا بُعْدَ مَنْزِلِ مَنْ تَرْجُو مَوَدّتَهُ ... وَمَنْ أَتَى دُونَهُ الصّمّانُ فَالْحُفَرُ

دَعْ مَا تَقَدّمَ مِنْ عَهْدِ الشّبَابِ فَقَدْ ... وَلّى الشّبَابُ وَزَارَ الشّيْبُ وَالزّعَرُ

وَاذْكُرْ بَلَاءَ سُلَيْمٍ فِي مَوَاطِنِهَا ... وَفِي سُلَيْمٍ لِأَهْلِ الْفَخْرِ مُفْتَخَرُ

قَوْمٌ هُمْ نَصَرُوا الرّحْمَنَ وَاتّبَعُوا ... دِينَ الرّسُولِ وَأَمْرُ النّاسِ مُشْتَجَرُ

لَا يَغْرِسُونَ فَسِيلَ النّخْلِ وَسْطَهُمْ ... وَلَا تُخَاوِرُ فِي مَشْتَاهُمْ الْبَقَرُ

إلّا سَوَابِحَ كَالْعِقْبَانِ مَقْرَبَةً ... فِي دَارَةٍ حَوْلَهَا الْأَخْطَارُ وَالْعُكَرُ

تُدْعَى خِفَافٌ وَعَوْفٌ فِي جَوَانِبِهَا ... وَحَيّ ذَكْوَانَ لَا مَيْلُ وَلَا ضُجُرُ

ــ

مِثْلُ الْحَمَاطَةِ أَغْضَى فَوْقهَا الشفر

الْحَمَامَة مِنْ وَرَقِ الشّجَرِ مَا فِيهِ خُشُونَةٌ وَحُرُوشَةٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْحُمَاطُ وَرَقُ التّينِ الْجَبَلِيّ.

وَقَالَ أَيْضًا فِي بَاب الْقَطَانِيّ الْحَمَاطُ تِبْنُ الذّرَةِ إذَا ذُرّيَتْ وَلَهُ أُكَالٌ فِي الْجِلْدِ. وَالْعَائِرُ كَالشّيْءِ يَتَنَخّسُ فِي الْعَيْنِ كَأَنّهُ يَعُورُهَا, وَجَعَلَهُ سَهِرًا, وَإِنّمَا السّهِرُ الرّجُلُ لِأَنّهُ لَمْ يَفْتُرْ عَنْهُ فَكَأَنّهُ قَدْ صَهِرَ وَلَمْ يَنَمْ كَمَا قَالَ آخَرُ فِي وَصْفِ بَرْقٍ

حَتّى شَئَاهَا كَلِيلٌ مُوهِمًا عَمَلُ ... بَاتَتْ طِرَابًا وَبَاتَ اللّيْلُ لَمْ يَنَمْ

شَئَاهَا: شَاقّهَا, يُقَالُ شَاهَ وَشَاءَهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَيْ شَاقّهُ وَأَنْشَدَ

وَلَقَدْ عَهِدْت تَشَاءُ بِالْأَظْعَانِ

فَتَأَمّلْهُ فَإِنّهُ بَدِيعٌ مِنْ الْمَعَانِي. وَقَوْلُهُ الصّمّانُ وَالْحَفَرُ: هُمَا مَوْضِعَانِ وَإِلَيْهِ يُنْسَبُ أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيّ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ. وَالْعَكَرُ جَمْعُ عَكَرَةٍ وَهِيَ الْقِطْعَةُ الضّخْمَةُ مِنْ الْمَالِ. وَعَكَرَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>