شَأْن عَليّ بن أبي طَالب
وَخَلّفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ عَلَى أَهْلِهِ وَأَمَرَهُ بِالْإِقَامَةِ فِيهِمْ فَأَرْجَفَ بِهِ الْمُنَافِقُونَ وَقَالُوا: مَا خَلّفَهُ إلّا اسْتِثْقَالًا لَهُ وَتَخَلّفًا مِنْهُ. فَلَمّا قَالَ ذَلِكَ الْمُنَافِقُونَ أَخَذَ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ سِلَاحَهُ ثُمّ خَرَجَ حَتّى أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ نَازِلٌ بِالْجُرْفِ فَقَالَ يَا نَبِيّ اللهِ زَعَمَ الْمُنَافِقُونَ أَنّك إنّمَا خَلّفْتنِي لِأَنّك اسْتَثْقَلْتنِي وَتَخَفّفْت مِنّي. فَقَالَ كَذَبُوا، وَلَكِنّنِي خَلّفْتُك لِمَا تَرَكْت وَرَائِي، فَارْجِعْ فَاخْلُفْنِي فِي أَهْلِي وَأَهْلِك، أَفَلَا تَرْضَى يَا عَلِيّ أَنْ تَكُونَ مِنّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟ إلّا أَنّهُ لَا نَبِيّ بَعْدِي، فَرَجَعَ عَلِيّ إلَى الْمَدِينَةِ، وَمَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَفَرِهِ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ سَعْدٍ
أَنّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِعَلِيّ هَذِه الْمقَالة.
شَأْن أبي خَيْثَمَة
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمّ رَجَعَ عَلِيّ إلَى الْمَدِينَةِ، وَمَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَفَرِهِ. ثُمّ إنّ أَبَا خَيْثَمَةَ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ سَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيّامًا إلَى أَهْلِهِ فِي يَوْمٍ حَارّ فَوَجَدَ امْرَأَتَيْنِ لَهُ فِي عَرِيشَيْنِ لَهُمَا فِي حَائِطِهِ قَدْ رَشّتْ كُلّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَرِيشَهَا، وَبَرّدَتْ لَهُ فِيهِ مَاءً وَهَيّأَتْ لَهُ فِيهِ طَعَامًا. فَلَمّا دَخَلَ قَامَ عَلَى بَابِ الْعَرِيشِ فَنَظَرَ إلَى امْرَأَتَيْهِ وَمَا صَنَعَتَا لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الضّحّ وَالرّيحِ وَالْحَرّ وَأَبُو خَيْثَمَةَ فِي ظِلّ بَارِدٍ وَطَعَامٍ مُهَيّأٍ وَامْرَأَةٍ حَسْنَاءَ فِي مَالِهِ مُقِيمٌ مَا هَذَا بِالنّصَفِ ثُمّ قَالَ وَاَللهِ لَا أَدْخُلُ عَرِيشَ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا حَتّى أَلْحَقَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَيّئَا لِي زَادًا، فَفَعَلَتَا. ثُمّ قَدّمَ
ــ
لَيَسْتَفِزّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً - إلَى قَوْلِهِ – تَحْوِيلًا} [الْإِسْرَاءُ ٧٦، ٧٧] . فَأَمَرَهُ بِالرّجُوعِ إلَى الْمَدِينَةِ، وَقَالَ فِيهَا مَحْيَاك،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute