ظَهْرِهِ ثُمّ خَرَجَ يَتْبَعُ أَثَرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاشِيًا. وَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ فِي بَعْضِ مَنَازِلِهِ فَنَظَرَ نَاظِرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ إنّ هَذَا الرّجُلَ يَمْشِي عَلَى الطّرِيقِ وَحْدَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنْ أَبَا ذَرّ. فَلَمّا تَأَمّلَهُ الْقَوْمُ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ هُوَ وَاَللهِ أَبُو ذَرّ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِمَ اللهُ أَبَا ذَرّ يَمْشِي وَحْدَهُ وَيَمُوتُ وَحْدَهُ وَيُبْعَثُ وَحْدَهُ.
وَقَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدّثَنِي بُرَيْدَةُ بْنُ سُفْيَانَ الْأَسْلَمِيّ، عَنْ مُحَمّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ
لَمّا نَفَى عُثْمَانُ أَبَا ذَرّ إلَى الرّبَذَةِ، وَأَصَابَهُ بِهَا قَدَرُهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ إلّا امْرَأَتُهُ وَغُلَامُهُ فَأَوْصَاهُمَا أَنْ اغْسِلَانِي وَكَفّنَانِي، ثُمّ ضَعَانِي عَلَى قَارِعَةِ الطّرِيقِ فَأَوّلُ رَكْبٍ يَمُرّ بِكُمْ فَقُولُوا: هَذَا أَبُو ذَرّ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعِينُونَا عَلَى دَفْنِهِ. فَلَمّا مَاتَ فَعَلَا ذَلِكَ بِهِ. ثُمّ وَضَعَاهُ عَلَى قَارِعَةِ الطّرِيقِ وَأَقْبَلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ فِي رَهْطٍ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عُمّارٍ فَلَمْ يَرُعْهُمْ إلّا بِالْجِنَازَةِ عَلَى ظَهْرِ الطّرِيقِ قَدْ كَادَتْ الْإِبِلُ تَطَؤُهَا، وَقَامَ إلَيْهِمْ الْغُلَامُ. فَقَالَ هَذَا أَبُو ذَرّ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعِينُونَا عَلَى دَفْنِهِ.
قَالَ فَاسْتَهَلّ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَبْكِي وَيَقُولُ صَدَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمْشِي وَحْدَك، وَتَمُوتُ وَحْدَك، وَتُبْعَثُ وَحْدَك. ثُمّ نَزَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فَوَارَوْهُ ثُمّ حَدّثَهُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ حَدِيثَهُ وَمَا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرِهِ إلَى تَبُوكَ.
ــ
وَقَوْلُ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنْ أَبَا ذَرّ، وَفِي أَبِي خَيْثَمَةَ كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ، لَفْظُهُ لَفْظُ الْأَمْرِ وَمَعْنَاهُ الدّعَاءُ كَمَا تَقُولُ أَسْلِمْ سَلّمَك اللهُ.
إعْرَابُ كَلِمَةِ وَحْدَهُ
وَقَوْلُهُ فِي أَبِي ذَرّ رَحِمَ اللهُ أَبَا ذَرّ يَمْشِي وَحْدَهُ وَيَمُوتُ وَحْدَهُ أَيْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute