تَبَارَكَ سَائِقُ الْبَقَرَاتِ إنّي ... رَأَيْت اللهَ يَهْدِي كُلّ هَادِ
فَمَنْ يَكُ حَائِدًا عَنْ ذِي تَبُوكِ ... فَإِنّا قَدْ أمرنَا بِالْجِهَادِ
الرُّجُوع إِلَى الْمَدِينَة
فَأَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَبُوكَ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً لَمْ يُجَاوِزْهَا ثُمّ انْصَرَفَ قَافِلًا إلَى الْمَدِينَةِ.
حَدِيثُ وَادِي الْمُشَقّقِ وَمَائِهِ
وَكَانَ فِي الطّرِيقِ مَاءٌ يَخْرُجُ مِنْ وَشَلٍ، مَا يَرْوِي الرّاكِبَ وَالرّاكِبَيْنِ وَالثّلَاثَةَ بِوَادٍ يُقَالُ لَهُ وَادِي الْمُشَقّقِ ; فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَبَقَنَا إلَى ذَلِكَ الْوَادِي فَلَا يَسْتَقِيَنّ مِنْهُ شَيْئًا حَتّى نَأْتِيَهُ. قَالَ فَسَبَقَهُ إلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ الْمُنَافِقِينَ فَاسْتَقَوْا مَا فِيهِ فَلَمّا أَتَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرَ فِيهِ شَيْئًا. فَقَالَ مَنْ سَبَقَنَا إلَى هَذَا الْمَاءِ؟ فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللهِ فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَقَالَ أَوَلَمْ أَنْهَهُمْ أَنْ يَسْتَقُوا مِنْهُ شَيْئًا حَتّى آتِيَهُ ثُمّ لَعَنَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَا عَلَيْهِمْ. ثُمّ نَزَلَ فَوَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ الْوَشَلِ فَجَعَلَ يَصُبّ فِي
ــ
الْكِتَابُ لِأَنّهُ لَمْ يُقَاتِلْهُمْ حَتّى يَأْخُذَهُمْ عَنْوَةً كَمَا أَخَذَ خَيْبَر، فَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَكَانَتْ أَمْوَالُهُمْ كُلّهَا لِلْمُسْلِمِينَ وَكَانَ لَهُ الْخِيَارُ فِي رِقَابِهِمْ كَمَا تَقَدّمَ وَلَوْ جَاءُوا إلَيْهِ تَائِبِينَ أَيْضًا قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَيْهِمْ كَمَا فَعَلَتْ ثَقِيفٌ مَا أَخَذَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ شَيْئًا.
الْكِتَابُ إلَى هِرَقْلَ
وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ إسْحَاقَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ هِرَقْلَ، فَإِنّ النّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَبَ إلَيْهِ مِنْ تَبُوكَ مَعَ دِحْيَةَ بْنِ خَلِيفَةَ وَنَصّهُ مَذْكُورٌ فِي الصّحَاحِ مَشْهُورٌ فَأَمَرَ هِرَقْلُ مُنَادِيًا يُنَادِي: أَلَا إنّ هِرَقْلَ قَدْ آمَن بِمُحَمّد وَاتّبَعَهُ فَدَخَلَتْ الْأَجْنَادُ فِي سِلَاحِهَا، وَأَطَافَتْ بِقَصْرِهِ تُرِيدُ قَتْلَهُ فَأَرْسَلَ إلَيْهِمْ إنّي أَرَدْت أَنْ أَخْتَبِرَ صَلَابَتَكُمْ فِي دِينِكُمْ فَقَدْ رَضِيت عَنْكُمْ فَرَضُوا عَنْهُ ثُمّ كَتَبَ كِتَابًا، وَأَرْسَلَهُ مَعَ دِحْيَةَ يَقُولُ فِيهِ لِلنّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنّي مُسْلِمٌ وَلَكِنّي مَغْلُوبٌ عَلَى أَمْرِي، وَأَرْسَلَ إلَيْهِ بِهَدِيّةٍ فَلَمّا قَرَأَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابَهُ قَالَ كَذَبَ عَدُوّ اللهِ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ، بَلْ هُوَ على نَصْرَانِيّتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute