للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَاطِلُ وَعَرَفْت أَنّي لَا أَنْجُو مِنْهُ إلّا بِالصّدْقِ فَأَجْمَعْت أَنْ أَصْدُقَهُ وَصَبّحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، وَكَانَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ، فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمّ جَلَسَ لِلنّاسِ فَلَمّا فَعَلَ ذَلِكَ جَاءَهُ الْمُخَلّفُونَ فَجَعَلُوا يَحْلِفُونَ لَهُ وَيَعْتَذِرُونَ وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا، فَيَقْبَلُ مِنْهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَانِيَتَهُمْ وَأَيْمَانَهُمْ وَيَسْتَغْفِرُ لَهُمْ وَيَكِلُ سَرَائِرَهُمْ إلَى اللهِ تَعَالَى، حَتّى جِئْت فَسَلّمْت عَلَيْهِ فَتَبَسّمَ تَبَسّمَ الْمُغْضَبِ ثُمّ قَالَ لِي: تَعَالَهُ، فَجِئْت أَمْشِي، حَتّى جَلَسْت بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لِي: مَا خَلّفَك؟ أَلَمْ تَكُنْ ابْتَعْت ظَهْرَك؟ قَالَ قُلْت: إنّي يَا رَسُولَ اللهِ وَاَللهِ لَوْ جَلَسْت عِنْدَ غَيْرِك مِنْ أَهْلِ الدّنْيَا، لَرَأَيْت أَنّي سَأَخْرُجُ مِنْ سُخْطِهِ بِعُذْرٍ وَلَقَدْ أُعْطِيت جَدَلًا، لَكِنْ وَاَللهِ لَقَدْ عَلِمْت لَئِنْ حَدّثْتُك الْيَوْمَ حَدِيثًا كَذِبًا لَتَرْضَيَنّ عَنّي، وَلَيُوشِكَنّ اللهُ أَنْ يُسْخِطَك عَلَيّ وَلَئِنْ حَدّثْتُك حَدِيثًا صِدْقًا تَجِدُ عَلَيّ فِيهِ إنّي لَأَرْجُو عُقْبَايَ مِنْ اللهِ فِيهِ وَلَا وَاَللهِ مَا كَانَ لِي عُذْرٌ وَاَللهِ مَا كُنْت قَطّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرَ مِنّي حِينَ تَخَلّفْت عَنْك. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمّا هَذَا فَقَدْ صُدِقْت فِيهِ، فَقُمْ حَتّى يَقْضِيَ اللهُ فِيك فَقُمْت، وَثَارَ مَعِي رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ، فَاتّبَعُونِي فَقَالُوا لِي: وَاَللهِ مَا عَلِمْنَاك كُنْت أَذْنَبْت ذَنْبًا قَبْلَ هَذَا، وَلَقَدْ عَجَزْت أَنْ لَا تَكُونَ اعْتَذَرْت إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا اعْتَذَرَ بِهِ إلَيْهِ الْمُخَلّفُونَ قَدْ كَانَ كَافِيَك ذَنْبَك اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَك، فَوَاَللهِ مَا زَالُوا بِي حَتّى أَرَدْت أَنْ أَرْجِعَ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُكَذّبَ نَفْسِي، ثُمّ قُلْت لَهُمْ هَلْ لَقِيَ هَذَا أَحَدٌ غَيْرِي؟ قَالُوا: نَعَمْ رَجُلَانِ قَالَا مِثْلَ مَقَالَتِك، وَقِيلَ لَهُمَا مِثْلَ مَا قِيلَ لَك ; قُلْت: مَنْ هُمَا؟ قَالُوا: مُرَارَةُ بْنُ الرّبِيعِ الْعَمْرِيّ، مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَهِلَالُ بْنُ (أَبِي) أُمَيّةَ الْوَاقِفِيّ ; فَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ فِيهِمَا أُسْوَةٌ فَصُمْت حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِي، وَنَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَلَامِنَا

ــ

كَعْبٍ عَمْرُو بْنُ الْقَيْنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَوَادِ بْنِ غَنْمِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَلِمَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَلِيّ بْنِ أَسَدِ بْنِ سَارِدَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جُشَمَ بْنِ الْخَزْرَجِ الْأَنْصَارِيّ السّلَمِيّ، يُكَنّى: أَبَا عَبْدِ اللهِ وَقِيلَ أَبَا عَبْدِ الرّحْمَنِ [وَقِيلَ أَبَا بَشِيرٍ] أُمّهُ لَيْلَى بِنْتُ زَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ أَيْضًا، وَهِلَالُ بْنُ أُمَيّةَ، وَهُوَ مِنْ بَنِي وَاقِفٍ وَمُرَارَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَيُقَالُ ابْنُ الرّبِيعِ الْعُمَرِيّ الْأَنْصَارِيّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْف

<<  <  ج: ص:  >  >>